responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دراسات في علم الاصول المؤلف : الهاشمي الشاهرودي، السيد علي    الجزء : 2  صفحة : 322

مستلزم لمحذور أصلا، بل هو مما لا بدّ منه عقلا، والروايات إرشاد إلى حكم العقل، فانه مستقل بأنه تعالى عالم بجميع الأشياء حتى الملازمات والمعدومات، لأنه تعالى مجمع الصفات الحسنة التي منها العلم بجميع الأشياء.
بقي الكلام في وجه تسمية ذلك بالبداء. ويذكر له وجهان: الأول: المشاكلة، فانّ تعلق مشيته المقدسة بعدم تحقق ما تحقق المقتضي لثبوته شبيه بالبداء الحقيقي، ومن هذا الباب قوله تعالى‌ { لِنعْلم أيُّ الْحِزْبيْنِ أحْصى‌ لِما لبِثُوا أمداً } [1]مع انه كان عالما به، وقوله تعالى‌ { لِيمِيز } . . . { الْخبِيث مِن الطّيِّبِ } [2]مع انه كان مميزا عنده.
الثاني: وهو وجه دقيق بعيد عن الفهم العرفي، وتوضيحه يكون ببيان مقدمة وهي: انه تعالى له علمان، علمه الذاتي وهو انكشاف ذاته لديه، وفي هذا يتحد العلم والعالم والمعلوم، فانّ العالم ذاته والمعلوم ذاته والانكشاف أيضا ذاته المقدسة، وعلمه الفعلي وهو علمه بمخلوقاته، فانها حاضرة لديه جل وعلا بأعلى مراتب الحضور، ونمثل لذلك بعلمنا، فانّ الإنسان إذا تصور صورة شي‌ء خارجي في ذهنه فيكون عالما به بالعلم الحصولي أي ترتسم صورة منه في الذهن، وهذا هو المعبر عنه بالعلم الحصولي المستحيل فيه تعالى وتقدس. وامّا نفس تلك الصورة التي هي مخلوقة للنفس فهي بواقعها حاضرة لدى النّفس، والنّفس عالمة بها لا بصورتها وإلاّ لزم التسلسل، كما انّ علم النّفس بنفسها أيضا حضوري، فانّ النّفس بواقعها حاضرة لدى النّفس، وفيه يتحد العالم والمعلوم. وعلم الباري جل شأنه بمخلوقاته حضوري نظير علم النّفس بمخلوقاتها، وعلمه بذاته نظير علم النّفس بذاتها فانّ النّفس مرآة له تعالى ذاتا وفعلا وصفة، وهذا معنى قوله تعالى‌ { و ما يعْزُبُ عنْ ربِّك }


[1]الكهف-12.
[2]الأنفال-37.

اسم الکتاب : دراسات في علم الاصول المؤلف : الهاشمي الشاهرودي، السيد علي    الجزء : 2  صفحة : 322
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست