بطلب قول النبي صلى اللَّه عليه و آله و التماس الثواب الموعود إلى آخر ما
أفاده هذا و قد يدفع المناقشة المذكورة بأن ظاهر الأمر المستفاد من الأخبار
لا يقتضي إلاملاحظة جهل المكلّف بالواقع و احتماله في موضوعه أمّا ملاحظة
المكلّف احتمال الواقع حين العمل و جعله الداعي عليه فلا يقتضيها أصلاكما
هو الشأن في جميع الأوامر الظاهريّة حيث إنّ مقتضاها بأسرها ما ذكرنا نعم
موافقة الأمر بالاحتياط إنما هي بجعل احتمال الواقعداعيا على العمل لكنها
ليست من جهة اقتضاء الأمر الظاهري لذلك بل من جهة عدم تحقّق الاحتياط الذي
هو موضوع للأمر إلاّ بالإتيانبالفعل بالداعي المذكور و أما التقييد في بعض
الأخبار بما يقتضي ملاحظة الواقع في العمل في حق العامل فليس محلاّ
للإنكار إلاّ أنه لا يوجب التقييد في الأخبار المطلقة لعدم التنافي بين
المثبتين في المندوبات كما هو ظاهر و أما الظهور العرفي المدّعى
للأخباربملاحظة وحدة السّياق فهو ظهور غير مستند إلى اللفظ فلا يعارض به
ظهور المطلقات في الإطلاق و إلى ما ذكرنا أشار قدس سره في مواضع منالرسالة
منها ما لفظه فالأخبار الخالية عن تعليل الفعل برجاء الثواب غير ظاهرة في
مضمون الأخبار المشتملة على التعليل بل هي ظاهرة فيترتّب الثواب على نفس
الفعل و اللازم من ذلك كونها مسوقة لبيان استحبابه لما عرفت من أن إتيان
محتمل المطلوبيّة بما هو هو لا يوجب الثوابفالإخبار بثبوت الثواب عليه
بيان لاستحبابه و يؤيّد ما ذكرنا فهم الأصحاب القائلين بالتسامح انتهى
كلامه رفع مقامه و ما أفاده من إطلاقأكثر ما ورد في الباب مضافا إلى فهم
الأصحاب و إن كان مستقيما إلاّ أنّ في النفس من ذلك شيء الثاني
أنّ مورد الأخبار المذكورة والمستفاد من مجموعها هو التسامح في مقدار
الثواب الخاص بعد مفروغيّة الثواب و الاستحباب كالوارد في شأن كثير من
المستحبّات الثابتة فيالشرع كما في الزيارات و الأدعية لا أصل الثواب
الكاشف عن الاستحباب و يدلّ عليه قوله في بعض الأخبار المتقدّمة من بلغه
شيء من الثواب علىشيء من الخير فعمل به مضافا إلى ما تقدّم من الإشكال
في أوامر الاحتياط من أنّ قصد القربة مأخوذ في الفعل المأمور به بهذه
الأخبار فلا يمكن أنيكون هي المصحّحة للفعل إلى آخر ما عرفته و يدفعه أن
ما ذكر و إن كان مقتضى ظاهر بعض الأخبار المتقدّمة إلاّ أنه خلاف مقتضى
إطلاق الأكثر و هو المرجع لماعرفت من أنه لا يحمل في المقام المطلق على
المقيّد و أما الإشكال المتقدّم في أوامر الاحتياط فقد عرفت التفصّي عنه
نقضا و حلاّ فراجع في أخصية الأخبار المذكورة
الثالث
أنّ الأخبار المذكورة أخصّ من المدّعى نظرا إلى اختصاصها بما دلّ الخبر على
الثواب على العمل لا ما إذا دل على طلب الفعل و رجحانه فإنه ليس إخبارا عن
الثوابو دعوى أن الإخبار عن الطلب أو الأمر بالفعل إخبار عن الثواب
التزاما من حيث كون إطاعة الأمر ملازمة للثواب مدفوعة بأن ظاهر الأخبار
المذكورةالإخبار عن الثواب ابتداء و بالذات لا ثانيا و بالعرض من حيث
اللزوم العقلي و يدفعه مضافا إلى عدم القول بالفصل و منع ظهور الاختصاص
بالنسبةإلى كثير أن المستظهر منه ما ذكرنا اقتصر فيه ببلوغ الثواب و المراد
منه بقرينة قوله فعمله نفس الفعل الذي يوجب الأجر و الثواب لا نفس الثواب الرّابع
أنها معارضة بما دلّ على عدم حجيّة خبر الفاسق من آية النبإ و غيرها و
المرجع بعد التعارض الأصل و يدفعه ما عرفت من أن مدلولها ليس حجيّة خبر
الضعيفحتّى يعارض بما دل على عدم حجيّته بل الحجة في المسألة نفس الأخبار
المتقدمة الصحيحة المعتضدة بما عرفت هذا و أجاب عنه بعض أفاضل مقاربي عصرنا
بعد جعلالنسبة بين الأخبار المتقدمة و الآية العموم من وجه من حيث إن
أخبار المذكورة تشمل جميع أقسام الخبر في الأحكام المترتّبة على بلوغها
الثواب و الآية تشملجميع أفراد خبر الفاسق من غير فرق بين الموضوعات و
الأحكام بجميع أقسامها بما هذا لفظه و الجواب أن تناول أخبار الباب لخبر
الفاسق أقوى من تناولآية النبإ لأن المطلقات التي يقع في سياق العموم
كالرجل في قولك من أكرم رجلا فله كذا تفيد العموم تبعا لألفاظ العموم
للتلازم إلى أن قال مضافا إلىاعتضاد عموم الأخبار بالشهرة و بظاهر العقل
كما عرفت انتهى كلامه رفع مقامه و فيه ما لا يخفى و ذكر شيخنا قدس سره في
الرسالة أن التحقيق في الجواب أنّدليل طرح خبر الفاسق إن كان هو الإجماع
فهو في المقام غير ثابت و إن كان آية النبإ فهي مختصّة بشهادة تعليلها
بالوجوب و التحريم فلا بدّ في التعدّيعنهما من دليل مفقود في المقام انتهى
كلامه رفع مقامه و هذا الجواب كالسابق عليه مبني على ما عرفت تضعيفه من
دلالة الأخبار على حجيّة خبر الفاسقو يتوجّه عليه مضافا إلى ما عرفت المنع
من اختصاص التعليل بخصوص الوجوب و التحريم لأن المراد منه كون خبر الفاسق
في معرض الوقوع في خلاف الواقعمن غير فرق فتدبّر هذا مضافا إلى أن دليل
طرح خبر الفاسق ليس مختصا بالإجماع و الآية بل يستفاد من الأخبار أيضا
كقوله عليه السلام لا تأخذن معالم دينكمن غير شيعتنا و غيره مما تقدّم في
البحث عن حجيّة أخبار الآحاد فتأمل الخامس
أنّها على تقدير تسليم دلالتها على ترتب الثواب على العمل الذي
أخبربترتّبه عليه و لو بطريق ضعيف لا يدلّ على الإذن في الإتيان بذلك العمل
بل غاية ما يستفاد منها الإخبار بسعة فضله و كرمه تعالى إلى آخر ما ذكره
الشيخالفاضل قدس سره في الفصول و قد أطال الكلام قدس سره في دفعه و الجواب
عنه بما لا يخلو عن مناقشة و لما كان أصل المناقشة غير محصّل المراد
أعرضناعنه السّادس
أنّها أخصّ من المدّعى من جهة أخرى حيث إنّها مختصّة بما إذا كان الخبر
الوارد دالاّ على الاستحباب أو الثواب على العمل و أمّا إذا دلّعلى الوجوب
أو الثواب على الفعل و العقاب على الترك أو اقتصر على العقاب على الترك
فلا يظهر حكمه من الأخبار المذكورة مع أن حكمهم بالتسامح يشملجميع الصور و
لعلّه المراد بقوله قدس سره في الكتاب و ثالثة بظهورها فيما بلغ فيه
الثواب المحض إلى آخره و يدفعه أن المراد على بلوغ الثواب بأيّ وجه كان و
يصدّق في