اسم الکتاب : انوارالاصول المؤلف : القدسي، أحمد الجزء : 1 صفحة : 1
الجزء الاول
مباحث الالفاظ[ ( الى آخر النواهى](
تقرير الابحاث شيخنا الاستاد
سماحة آية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازى[ ( دام ظله](
أحمد القدسى
بسم الله الرحمن الرحيم
اسم الكتاب . . . انوار الاصول الجزء الاول ( تقريرا لمباحث سماحة آية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازى دام ظله
المؤلف . . . احمدالقدسى
الناشر . . . انتشارات نسل جوان
مركز التوزيع . . . قم خيابان شهدا تلفون 24677 فكس 37066
الطبعة . . . الثانيه
تاريخ النشر . . . سنة 1416 هق
العدد . . . 1000
رقم الصفحات . . . 656 وزيرى
صف الحروف . . . قم فرانشر 735712
المطبعة . . . مدرسة الامام اميرالمؤمنين ( ع )
م
كلمة المقرر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله , الذى هدانا لمعرفته , و خصنا بولايته و وفقنا لطاعته ,
والصلاة والسلام على رسوله الذى من الله على المؤمنين ببعثته , والذى كان
يتلوا عليهم آياته و يزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة , ويضع عنهم اصرهم
والاغلال التى كانت عليهم .
و على اهل بيته , الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ,
والذين بذلوا أنفسهم فى مرضاته , و صبروا على ما أصابهم فى جنبه , و
جاهدوا فى الله حق جهاده , حتى أعلنوا دعوته , و بينوا فرائضه , و نشروا
شرايع أحكامه , وفقهوا فى الدين العلماء من شيعتهم , وعلموهم الكتاب
والسنة , والقوا اليهم الاصول , وفوضوا اليهم التفريع .
وصلوات الله تعالى و رحمته و مغفرته , و استغفار رسوله و ملائكته
على اصحابهم و تلامذتهم المقتصين آثارهم , والسالكين سبيلهم , والمهتدين
بهديهم .
الذين أوقدوا مشعل الهداية فى الازمنة الدامية من تاريخ التشيع ,
ورفعوا لوائها فى ظروف عصيبة , و شرائط محرقة للطاقة , واكرمهم الله تعالى
بان جعل مدادهم افضل من دماء الشهداء , فسقوا بأمطار أقلامهم شجرة الدين
وأبقوها طرية مثمرة , و حرسوا حصون الاجتهاد والفقاهة.
ب
و نحمدالله تعالى على ان وفقنا للانتفاع من موائد فيضهم ,
والاقتطاف من سنابل بيدرهم , واصطفانا من ألوف مؤلفة من الخلق , فعرفنا
علماء هذا الجيل :
1 الرجال النبلاء , المتفرعين من شجرة الحوزات العلمية الاسلامية
الطيبة , التى أصلها ثابت , و فرعها فى السماء , تؤتى أكلها كل حين باذن
ربها .
2 خبراءالدين , غيرالمتهربين من قبول المسؤولية , الذين لم يستو
حشوا فى طريق اعلاء كلمة الحق طيلة تاريخ حياتهم من سخرية طالبى الدنيا
الدنية , وضغط الطواغيت الجبابرة , و تكفير المتحجرين المتنسكين , بل
هموا فى طريق ابلاغ حقائق الدين و نشرالمعارف الناضجة لاهل البيت ( ع )
بجهد و جهاد , و صبر و سداد , واستقاموا على طريق حفظ القيم الدينية
المتكاملة , والدفاع عن نواميس هذه المدرسة , وموازين الشريعة المحمدية
بافكارهم واقلامهم واقوالهم .
3 الفقهاء الملتزمين , الذين حرسوا ثغور العقيدة بوعى وذكاء ,
وجاهدوا فى ابطال تحريف المبطلين , و نفى انحراف الغالين بيد بيضاء من
البرهان والفرقان .
4 المتفكرين المستعدين المتأهبين , الذين لم يكتفوا باكتساب
العلوم الرائجة فى الحوزات العلمية , بل انتهلوا أيضا على وعى واسع , وفكر
حى متحرك من ينابيع العلوم الاخرى القديمة او الجديدة , ولم يغفلوا
بالاشتغال بزاوية خاصة و بعد خاص من الدين عن سائر أبعاده و زواياه .
5 المصلحين المتنورين , الذين , فاروا كعين صافية فى صحراء
اعصارالطواغيت المقفرة الموجعة المؤلمة , ونوروا مستيقظى ذلك الليل
المظلم الهالك بالامن والرجاء .
6 الموقنين القائمين بالقسط , الذين يرون ايجاد مجتمع دينى و تشكيل
نظام حكم الهى فى الدرجة الاولى من واجبات العلماء الملتزمين , و تكون
امنيتهم المقدسة تحقق الاحكام الناصعة , والمعارف الراقية للاسلام ,
ويموج فى قلوبهم نورالامل بالمستقبل الباهر الزاهر حول مصيرالامة
الاسلامية .
7 المحققين الرفيعى المنزلة , الذين لم يحترقوا فى تنور قلة الهمة ووهن
ج
العزيمة , ولم يدفنوا فى غبار التسامح والتساهل .
8 المتتبعين المتبحرين , الذين يعدون من طالبى الاسرار الالهية
والرموز القرآنية , والذين تصدوا لمنصب الاجابة عن الحاجات المعنوية
الدينية فى المجتمع الاسلامى , و يتحملون مسئولية استنباط الاحكام , و
تبيين الثقافة الدينية فى مجمع الحوزات الاسلامية بحيث أوجد حضورهم
المستمر ( واستعدادهم للمراجعات الدينية والجواب عن كل مسئلة عرضت
عليهم ) من أنفسهم عالما كاملا عبقريا .
9 المتنزهين , الذين لاينظرون الى المقامات الاعتبارية والمناصب
الحوزوية الا من جهة انها اداة لحذمة الدين والمذهب , ولا يشترون تلك
القيم المعنوية , والمقامات الاخروية , والدرجات والاجور الموعودة
لاصحاب الخدمات القلمية والبيانية , بحطام الدنيا و متاعها القليل
الزائل .
10 وبالجملة : النجوم الزاهرة لسماء الفقهاهة , الذين اوجدوا من
انفسهم رجالا ذوى أبعاد مختلفة , لابتعادهم عن الكسل والعزلة , ومعرفتهم
بالزمان ومقتضياته , مع نضوج الفكر و حسن السليقة واستقامتها , والدقة
والنظام المبدع فى العمل الذى يعجز كل ذى نظم بارع , مع اهداف سامية عالية
و شعور عقلانى رائق فى البيان والكتابة , وهمة عالية و عزم راسخ الهى ,
ونفس أبية قوية , و مع تحركهم الدائم وجدهم المستمر ( بحيث كأن احدهم بعد
مضى ستين او سبعين سنة من عمره المبارك , يعمل و يسعى سعى عدة أفراد من
الطلاب المجدين ) .
الهى : يا من هوالمبدأ لهذه المكارم الكاملة الجميلة : نسئلك أن
تعطينا يقظة وانشراح صدر , حتى لايكون بعض مانراه نقصا فيهم حجابا لاعيننا
عن مشاهدة وجوههم المضيئة المشرقة , ولا تحرمنا بعض عثراتهم المحتملة
التى لايخلو غيرالمعصوم منها من كوثر حكمتهم البالغة , فانه لاحكيم الاذو
عثرة ( 1 ) .
1 عن الرضا (ع) عن آبائه ( ع ) قال : قال رسول الله ( ص[ : ( ( غريبان كلمة حكمة من سفيه فاقبلوها , وكلمة سفه من حكيم فاغفروها , فانه لاحكيم الاذو عثرة , ولا سفيه الاذوتجربة[ ( بحارالانوارج 2 ص 44 ]( .
د
كما انا نسئلك يا مالك القلوب والابصار : ان تهب لنا وفاء
وتأدبا , حتى لانطلق عليهم لسانا هم صيروه ناطقا , وقلما وبيانا هم علموه
البلاغة ( 1 ) .
والحقيرالفاقد لاية بضاعة يحمدك بكل وجوده وفى اعماق قلبه , على
أن وفقته لتقرير حلقة ( الدورة الرابعة لخارج الاصول ) من حلقات درس
استاذ هو بنفسه غصن من هذه الشجرة الطيبة , و نجم من هذه المنظومة المضيئة
.
فأرجوالله سبحانه أن لايمنعنا حجاب المعاصرة عن مشاهدة هذه الوجوه
المشرقة , ومفاخر المدرسة الجعفرية , فلم نكن ممن تتحرك اقلامهم و تجرى
اقوالهم لبيان مكانة هذه النجوم المضيئة ومقاماتهم بعد ان وضعوا وجوههم
على التراب , وأفلوا من سماء العلم والهداية .
ماالذى دعانى الى هذا . . . ؟
و ان سبب اختيارى درس الاستاذ ( دام ظله ) أنى بعد ما سمعت عزمه
على الشروع بالدورة الرابعة لخارج الاصول , استخرت الله بكتابه الكريم
فجائت هذه الاية[ : ( وقالوا الحمدلله الذى اذهب عنا الحزن ان ربنا لغفور شكور
]( ( 2 ) فتفألت بالخير , وحضرت فى محضره الشريف فوجدت صدق التفأل ,
فكان درسه مذهبا للحزن وحالا للعقد , وذلك لوجدان بعض الشرائط
والخصوصيات فيه :
منها : تحرر فكرى وأصالة فى مجال البحث والنقد : بحيث يشاهد
بوضوح عدم انجذاب عقربة الفكر الى مدرسة خاصة من المدارس الموجودة فى
محافل دروس مرحلة الخارج .
والانصاف ان هذه الدرجة من الحرية والاعتماد على النفس يلعب دورا
1 لاتجعلن ذرب لسانك على من انطقك , و بلاغة قولك على من سددك . ( نهج حكمة 411 )
2 فاطر 34 .
ه
اساسيا فى تربية التلميذ , و تكوين شخصيته العلمية , وقوة اعتماده
على نفسه فى البحث والدراسة , بعد ما اراد بخروجه من مرحلة السطح الى
مرحلة الخارج , أن يقوم على قدميه , و أن يخرج نفسه من هيمنة افكار
الاعاظم و سطوتها مع احترامها والاهتمام بها .
ومنها : السعى أن يعطى البحث حدالامكان اتجاها موضوعيا عمليا ,
و يخرجه من اطار الافتراضات المدرسية , و لعل هذا مما يلاحظ فى مدرسة
الشيخ الاعظم الانصارى ( ره ) فى رسائله , و ممايتميز به مشربه الاصولى و
منهجه عن منهج المحقق الخراسانى فى كفايته الى درجة كبيرة .
فشاهدت فى كثير من المباحث عدم الاكتفاء ببيان كليات المسئلة , و
تركها فى عالم الفرض والتصور , بل يستعرض ايضا ما يعتمد عليه الفقيه فى
مقام العمل والاستنباط فى الابواب المختلفة من الفقه ( من الاستظهارات
العرفية , والارتكازات العقلائية , و ما يستظهر من روايات اهل بيت
الوحى ( ع ) وما فهم منها اصحابنا الامامية ( رضوان الله عليهم ) بحسن
سليقة واعتدالها , واستقامة فكر و اتقانه . . . الى وصول المسئلة الى موضع
من التنقيح والاطمئنان .
ومنها : سلاسة البيان و سهولته , مما يخرج موضوع البحث من التعقيد
المحير للفكر , والعمق المتوهم والابهة الخيالية , المخيبة لامل التلميذ ,
و رجائه بالتقدم الى الامام .
و ان سهولة بيانه ( دام ظله ) تكون الى حد قد توجب تردد التلميذ
فى بدءالامر , فيحتمل او يظن ان للمسئلة المطروحة عمقا آخر , و انه لم يؤد
حقها .
والحقير الفاقد للبضاعة الذى وقع فى هذه الجهة فى تردد و وسواس فى
بدائة الامر كان يسعى نحو أن يستعرض المسئلة بدراسة قبل الدرس و بعدها , و
يعمق النظر فى جوانبها و يعطى الدقة باطرافها بمؤونة اصدقائه فى
المباحثة , فكان بعد فحص كثير و تأمل بالغ ينتهى فى كثير من الموارد الى
ان الحق فى المسئلة انما هو ما افاده الاستاذ ( دام ظله ) بتبسط فى
الحديث و من دون عبارات مغلقة و تعبيرات
و
معقدة , و ما فهمه بطبعه السيال و فكره الثاقب .
ومن الواضح أن ما يلعب دورا هاما اوليا فى سلاسة البيان انما
هو كيفية الورود فى المسئلة والخروج عنها , والتحليل الصحيح لموضوع البحث ,
وتشقيق الموضوع الكلى العام و تكفيكه و تجزئته الى موضوعات فرعية خاصة , و
بالجملة ابراز الموضوعات المتشابهة الخارجة عن محل البحث , والارائة
الدقيقة لمحل النزاع , والانصاف ان للاستاذ ( دام ظله ) فى هذا المجال
شموخا خاصا .
ومن الطريف جدا ان هذه النكتة اذا أضيفت الى ان الاستاذ ( دام
ظله ) يلقى افاضاته و يؤدى كلماته بقوة و نشاط , و طراوة و نضارة , تجعل
محفل درسه محفلا ناشطا و مجلسا طريا , بحيث لايحس احد صعوبة و كدورة ,
ولايرى نفسه متأخرا و متخلفا عن القافلة , بل كل شخص يحس نفسه فى مسرح
البحث , راجيا لفهمه , و مطمئنا بادراكه للمسئلة .
هذا ثم تذكرت بعد ماكتبه السيد الحكيم ( ره ) صاحب المستمسك فى
هامش تقريرات الاستاذ ( دام ظله ) لبحثه ( قدس سره ) قبل اربعين سنة ,
حيث قال : [ ( . . فوجدته متقنا غاية الاتقان , ببيان رائق , و اسلوب
فائق يدل على نضوج فى الفكر , وتوقد فى القريحة , و اعتدال فى السليقة]( .
. . فوجدته وافيا لماهو مرادى , والحمدلله .
واخيرا : ينبغى ان أشير الى أن من توفيق الله تعالى عرض جميع مباحث
هذا التقرير - حرفا بحرف , وسطرا بسطر , من البدو الى الختم على
الاستاذ ( دام ظله ) وقرائتها له فى طيلة الدورة , و لذلك يشاهد الافتراق
فى كثير من الموارد منهجا و محتوى بين مباحث الكتاب و ما أفاده ( دام
ظله ) فى مجلس المحاضرة , فكان قد يتبدل حين القرائة نظره الشريف فى
المنهج او المحتوى , او يخطر ببالى القاصر اشكال او اضافة نكتة او رأى ,
او حذفهما , فيقابلنى الاستاذ غالبا مع انشراح صدر وكرامة بالغة بالتأييد
او ايراده تحت عنوان[ ( ان قلت ]( ثم الجواب عنه , او على
ز
الاقل باشارة اليه تحت عنوان[ ( اللهم الا ان يقال]( او[ ( فتأمل]( و نظيرهما .
فليكن الاخوان الكرام الذين كانوا يحضرون درس الاستاذ ( دام ظله ) على ذكر من هذا .
و ختاما : اهديه الى كل من له حق التعليم او الهداية على , سواء
كان ممن عرفنى فى عنفوان شبابى المفاهيم الدينية و ولاية اهل بيت العصمة ,
سيما معرفة ذلك العزيز المستور الغائب عن الابصار , الحاضر فى القلوب
والافكار ( عج ) فسقانى شراب محبته , و أنفذ فى قلبى شوق خدمته , فهيأ لى
قبل الورود الى الحوزة العلمية , الظروف الروحية والفكرية للدخول فيها .
ام كان من الاساتذة الكرام الذين لعبوا دورا هاما فى تكون شخصيتى
الخلقية والعلمية بعدالورود اليها , فوطأوالى ظروف هذا التقرير و مقوماته .
فأسأل العزيز القادر المتعال ان يعطيهم خيرالدنيا والاخرة , ويجعل
وجوداتهم العزيزة مثمرة بالغة لاحياءالدين , و يهب لهم مرافقة الانبياء
عند مليك مقتدر .
وأسئله أن يتقبله منى بقبول حسن , و يجعله ذخرا خالصا لاخرتى ,
فانه بادى برى و تربيتى , و خير ناصر و معين , وله الحمد فى كل حين .
احمدالقدسى
قم المقدسة رمضان 1414 هجرية اسفند 1372 شمسية
[ 1 ]
المدخل
علم الاصول كما ينبغى
اسم الکتاب : انوارالاصول المؤلف : القدسي، أحمد الجزء : 1 صفحة : 1