نظيف»أو«كلّ شيء فيه حلال»إلى آخره، فلا يمكن التمسّك بشيء منهما.
و بعبارة أخرى: العلم الإجمالي المذكور ملازم لعلم إجماليّ ثان، وهو العلم
بحرمة اللبن من جهة كونه غصبا، أو حرمة شرب الماء من جهة كونه نجسا، فلا
يجوز للشارع الحكم بالإباحة في كلا الطرفين، ضرورة أنّه ترخيص في المعصية،
ولا يمكن أيضا شمول دليل الإباحة لأحدهما دون الآخر، بداهة لزوم الترجيح
بلا مرجّح، فكما يسقط الأصل العرضي المعارض بالمثل-و هو أصالة
الطهارة-بمقتضى العلم الأوّل كذلك يسقط الأصل الطوليّ-و هو أصالة
الحلّ-لمعارضته بالمثل في العلم الثاني.
و هذا هو الفارق في هذا القسم والقسم الأوّل، فإنّ الثوب في القسم الأوّل
ليس من آثار نجاسته حرمة شربه أو أكله، فلا يلازم العلم بنجاسته أو مائع
علما آخر، كما في هذا القسم، لأنّ أثر حرمة شرب المائع منحصر بأحد الطرفين،
فلا يعارض بالمثل لا في العلم الأوّل ولا في علم آخر ملازم له، فلا مانع
من شمول قوله عليه السلام: «كلّ شيء فيه حلال وحرام»[1]إلى
آخره، لخصوص الماء، وهذا بخلاف المقام، فإنّ حكم الشارع بحلّيّة أحد
المائعين-و هو الماء دون الآخر-من دون مرجّح في البين قبيح بأيّ لسان كان:
بلسان«كلّ شيء نظيف حتى تعلم أنّه قذر»[2]الّذي هو ملازم لحلّيّته أيضا، أو بلسان«كلّ شيء فيه حلال»إلى آخره، ولا يفرّق بين تعدّد الدليل ووحدته في ذلك.
ثمّ إنّ ما ذكرنا آنفا-من أنّ الأصل الطولي لو كان معارضا بأصل طولي آخر
يسقط كلاهما-مختصّ بما إذا لم يكونا مختلفين في الأثر، كما في العلم بنجاسة
أحد المائعين، أمّا إذا كانا مختلفين في الأثر بأن كان أحدهما مثبتا
للتكليف