هؤلاء، فإذا لم يتق الشبهات وقع في الحرام وهو لا يعرفه " [1]. وأما العقل، فتقريره بوجهين: أحدهما: أنا نعلم إجمالا قبل مراجعة الأدلة الشرعية بمحرمات كثيرة يجب - بمقتضى قوله تعالى: * (وما نهاكم عنه فانتهوا) * [2] ونحوه - الخروج عن عهدة تركها على وجه اليقين بالاجتناب أو اليقين بعدم العقاب، لأن الاشتغال اليقيني يستدعي اليقين بالبراءة [3] باتفاق المجتهدين والأخباريين، وبعد مراجعة الأدلة والعمل بها لا يقطع بالخروج عن جميع تلك المحرمات الواقعية، فلا بد من اجتناب كل ما احتمل [4] أن يكون منها إذا لم يكن هناك دليل شرعي يدل على حليته، إذ مع هذا الدليل يقطع بعدم العقاب على الفعل على تقدير حرمته واقعا. فإن قلت: بعد مراجعة الأدلة نعلم تفصيلا بحرمة أمور كثيرة، ولا نعلم إجمالا بوجود ما عداها، فالاشتغال بما عدا المعلوم بالتفصيل غير متيقن حتى يجب الاحتياط. وبعبارة أخرى: العلم الإجمالي قبل الرجوع إلى الأدلة، وأما بعده فليس هنا علم إجمالي.
[1] الوسائل 18: 118، الباب 12 من أبواب صفات القاضي، الحديث 25. [2] الحشر: 7. [3] في (ظ): " يستدعي البراءة "، وفي (ر) و (ص): " يستدعي البراءة اليقينية ". [4] في (ر) و (ص): " يحتمل ".