و إن قلنا بأصالة الاشتغال فالأصل هو الفساد، كما لا يخفى.
و ممّا حقّقنا ظهر ما في كلام المحقّق القمي [1](رحمه اللّه) من أنّ الأصل هو الفساد مطلقا، فإنّه من القائلين باعتبار أصالة البراءة في مقام الشكّ في الجزئية و الشرطيّة، فيكون المرجع- بعد انقطاع اليد عن دلالة النهي- هي لا غير، إن [2] كان المورد ممّا لم يصل فيه عموم أو إطلاق- يقتضيان صحّته- و إن [3] كان المورد مما وصل فيه أحدهما، فعلى أيّ تقدير يكون الأصل هو الصحّة، فلا يصحّ دعوى أنّ الأصل هو الفساد بوجه.
و لعلّ مراده من الأصل ما مرّت الإشارة إليه سابقا من أنّه هو الأصل الأوّليّ السابق على أصالة البراءة المقطوع بها، و هو مع كونه خلاف ظاهر كلامه لا فائدة في التعرّض له بوجه، إذ على تقدير أن يكون مقتضاه الفساد لا يصار إليه، و لا يعمل بمقتضاه، بل المصير إلى أصل البراءة، و قد عرفت أنّ مقتضاه الصحّة.
و كيف كان، فإذا عرفت ما قدّمنا لك فاعلم
أنّهم اختلفوا في دلالة النهي على فساد المنهيّ عنه على أقوال:
أحدها: القول بالدلالة مطلقا في العبادات و المعاملات لغة و شرعا، حكي عن الرازي [4] نسبته إلى بعض أصحابنا و عن النهاية [5] إلى جمهور فقهاء
[1] قوانين الأصول: 1- 155- المقدمة الثانية من مقدّمات مبحث دلالة النهي على الفساد.
[2] كان في النسخة المستنسخة: و إن كان. و الصحيح المتن.
[3] كان في النسخة المستنسخة: أو أحدهما ان كان المورد مما وصل فيه أحدهما و على أي تقدير. و الصحيح ما أثبتناه.
[4] الحاكي هو العلاّمة في المنتهي: 80 و المعتمد 1: 171 عن بعض أصحاب أبي حنيفة و الشافعي.