و منها: اجتماعهما في شيء واحد و في زمان واحد مع تعدّد جهتيهما و انحصار مصداق المأمور به في المحرّم.
و منها: الوجه المتقدّم بحاله إلاّ أنّ زمني الأمر و النهي مختلفان.
و منها: الوجه الثالث بحاله إلاّ أنّه لم ينحصر فرد المأمور به المحرّم، و لم يتّحد زمنا الأمر و النهي.
فإذا عرفت ذلك فاعلم أنّه لا شبهة في امتناع اجتماع الأمر و النهي على الوجه الأوّل و الثالث مطلقا- سواء كان متعلّقهما من ذوات الأسباب مع اتّحاد سببها الموجب للاضطرار إلى ارتكابها، أو لا- لاستلزام اجتماعهما في كلّ منهما التكليف بالمحال، بل التكليف المحال، نظرا إلى امتناع تعلّق الكراهة و الإرادة بشيء واحد، فلا يمكن للمجوّزين للتكليف بالمحال التزام جواز الاجتماع في شيء منهما، فكيف بغيرهم النافين له، و قد عرفت أيضا أنّ القائلين بالجواز في المسألة المتقدّمة لا يقولون به في أمثال ذلك ممّا لا مندوحة فيه للمكلّف في امتثال الأمر.
و أمّا الوجه الثاني: فالتحقيق فيه التفصيل بين ما كان متعلّقهما من ذوات الأسباب- بعد ارتكاب سببها الموجب لاضطرار المكلّف إلى فعلها، أو قبله- و بين ما كان من غيرها، فيجوز الاجتماع على الثاني، فإنّ الطلب المتقدّم المرتفع في الزمان اللاحق إن كان هو النهي فقد وقع مخالفته من قبل، و لا يكون الإتيان بالفعل في الزمان الثاني مخالفة و عصيانا له، فلا مانع من تعلّق الأمر به في الزمان الثاني، لعدم استلزامه لاجتماع الإرادة و الكراهة، لانتفاء الكراهة عنه حينئذ، لأنّ موضوعها هو العصيان، و قد تحقّق من قبل، و ليس ذلك الإتيان عصيانا، و لا للتكليف بالمحال أو المحال أيضا، لعدم إرادة ترك الفعل منه حينئذ بالفرض، و إن كان المرتفع هو الأمر فكذلك أيضا، إذ بعد مخالفته الموجبة لرفعه لا يبقى محبوبية بعده للفعل حتّى يكون النهي عنه مستلزما لاجتماع الإرادة و الكراهة، فلا يلزم التكليف المحال لذلك أيضا و لا التكليف بالمحال، لفرض ارتفاع الطلب السابق.