عليها لا يخرج ذلك المورد بذلك عن كونه مجرى لها في الاصطلاح قطعا، فتعيّن الثالث.
الثاني: أنّ الغرض الأصلي للمصنّف [(قدس سره)] من وضع رسالة البراءة و الاستصحاب- المشتمل عليهما كتابه هذا- إنما هو بيان الأصول و القواعد العامّة الأوّلية الشرعية أو العقلية المقرّرة للشكّ المنحصرة في الأربعة المشار إليها، فلما لم ينسب المجاري الأربعة المذكورة إلاّ إليها، مع أنّ غيرها من الأصول، العملية الخاصّة ببعض موارد الشكّ لا يخرج مجراها عن أحدها- كقاعدة الشكّ في عدد الركعات، و هي البناء على الأكثر، فإنّ موردها متّحد مع الاستصحاب في خصوص عدد الركعات- فتعرّضه لبعض تلك القواعد الخاصّة في مطاوي الرسالتين إنّما هو من باب التطفّل، كتعرّضه لقاعدة التخيير بين [1] الخبرين المتعارضين، فإنّ مراده بالتخيير الأوّلي العامّ المحكوم عليه بالعقل، لا ما يعمّ ذلك التخيير الخاصّ لخصوص الخبرين المتعارضين، و قد صرّح (رحمه اللّه) في موضع من رسالة البراءة: أنّ التخيير حكم عقلي، و من المعلوم أنّ التخيير بين الخبرين حكم شرعي خاص، بمورد كذلك، و تحديده لمجرى التخيير بما لم يمكن فيه الاحتياط شاهد على ذلك أيضا، لجريان التخيير بين الخبرين فيما أمكن فيه الاحتياط أيضا، فتعرّضه للتخيير بين الخبرين في موارد كون الشكّ ناشئا من تعارض النصوص إنّما هو لأجل استيفاء الحكم العقلي لتلك الموارد، بمعنى الحكم الآخر [2] الّذي لا يكون بعد حكم ظاهريّ معارض له أو حاكم عليه.
قوله- (قدس سره)-: (و ما ذكرناه هو المختار في مجاري الأصول ... إلخ)[3].