أحدها: ما يمكن أن يجري فيه أحد الأصول الأربعة، فيجري أصالة البراءة- مثلا- أو ما يمكن جريانها فيه و لو لم يجر فيه فعلا، إما لقاعدة حاكمة عليها، أو معارضة لها، أو لعدم قيام دليل على اعتبارها فيه في نفسها.
و ثانيها: ما يكون حكمه الظاهري فعلا أحد تلك الأصول، فمجرى أصالة البراءة معناه ما يكون حكمه الفعلي من البراءة [1].
و ثالثها: ما يكون محلا لجريان واحد مخصوص منها على تقدير قيام دليل على اعتباره، بمعنى أنه على تقدير اعتباره إنّما يجري فيه لا غيره [2]، فلا ينافي ذلك كالأول، [أي] عدم قيام دليل على اعتبار الأصل، بل يجامع [3] مع امتناع اعتباره أيضا.
لا سبيل إلى شيء من الأوّلين:
أما أوّلهما: فلاستلزامه عدم انضباط مجاري الأصول لإمكان جريان كلّ منها في مورد الآخر، ضرورة إمكان جريان الاحتياط في موارد الشكّ في التكليف التي هي مجرى لأصالة البراءة، و كذا جريان أصالة البراءة في موارد الشكّ في المكلّف به و لو بحكم الشارع، غاية الأمر- أيضا- لم يقعا، و عدم الوقوع لا ينافي الإمكان.
و أما ثانيهما [4]: فإنّ تلك الأصول إنما تكون أحكاما فعلية لمجاريها إذا لم تعارضها قاعدة أخرى أو تحكم عليها، مع أنّ كلّ قاعدة جارية في مورد إذا حكمت عليها قاعدة أخرى أو عارضتها لا يخرج- بذلك- ذلك المورد من كونه مجرى لها، فأصالة البراءة- مثلا- إذا عارضتها قاعدة أخرى في مورد أو حكمت