ثالثها: التفصيل بين ما إذا كانت النجاسة واردة على الماء فينفعل بها، و بين العكس فلا.
و قد أجاب عنه السيد بحر العلوم- (قدس سره)- في المفاتيح [1] على ما حكي عنه- بعد تسليم أنّ مفهوم الحديث المذكور هي الموجبة الجزئيّة لعموم لفظ الشيء الوارد فيه- بتقريب: أنّه في جانب المنطوق [شامل] [2] لصورتي ورود النجاسة على الماء و العكس، فيكون المفهوم: أنّه إذا بلغ الماء قدر كرّ ينجّسه شيء [3] من النجاسات سواء كان ذلك الشيء واردا عليه أو مورودا، و هذا مع جزئيّته يكفي في المطلوب، انتهى.
و يتّجه عليه: أنّ النكرة المنفيّة إنّما هي للعموم الأفرادي لا الأحوالي، إذ ورود النفي عليها يقتضي العمومية بالنسبة إلى أفراد الطبيعة المرادة منها، و من المعلوم أنّ أفرادها إنّما هي ذوات النجاسات لا أحوالها.
اللّهمّ إلاّ أن يدّعى عمومها بالنسبة إلى الأحوال من جهة إطلاق اللفظ و تجريده عن ذكر القيد مع كون المقام مقام البيان، فيتّجه القول به لذلك، كما يقول بالعموم في لفظة الماء- أيضا- لذلك، و يقوّيه أنّ مورد السؤال في الحديث خاصّ، حيث إنّ السائل سأله (عليه السلام) عن الماء الراكد المكيّف بكيفيّات مخصوصة، فأجابه (عليه السلام) على وجه الإطلاق، فإنّه لو كان في مقام بيان حكم مورد السؤال فقط لأجابه على طبقه، فإطلاقه دالّ على عموم الحكم موضوعا و محمولا شرطا و جزاء.
هذا، و كيف كان، فالاستدلال بالحديث الشريف لا يتوقّف على عموم
[1] منظومة الدرّة النجفية لبحر العلوم (ره): 3 كتاب الطهارة- المياه- البيت: 3 و 4. و راجع الجواهر 1: 131.