«إذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء» [1]، فإنّ مراده إنّما هو الإجماع على ثبوته في الحديث المذكور للقرينة، و إليه ينظر استثناء الشهيد [1]- (قدس سره)- الوصايا و الأوقاف و نحوهما عن محلّ النزاع في باب المفاهيم [2].
و من هنا يظهر دفع ما أورده البهائي [2]- (قدس سره)- على القوم من المنافاة بين اتّفاقهم على حمل المطلق على المقيّد و بين اختلافهم في حجّيّة مفهوم الوصف، بل ذهب الأكثر إلى منعها.
و توضيح الدفع: أنّ استظهار انتفاء الحكم هناك عن غير مورد القيد إنّما هو لمكان القرينة اللاحقة لخصوص المقام، و هي فهم اتّحاد الحكمين، لا من نفس [القيد] [3] حتّى يلزم التنافي المذكور.
و الّذي يقتضيه النّظر في دفعه: أنّ حمل المطلق على المقيّد خارج عن دلالة القيد على انتفاء الحكم عند انتفائه التي هي المتنازع فيها في باب المفاهيم، إذ غايته أنّ استظهار حكم المطلق متّحد مع حكم المقيّد، و ليس حكما آخر وراءه.
و أمّا استظهار انتفاء سنخ ذلك الحكم و لو بخطاب آخر خاصّ بغير مورد
[1] و هو الشهيد الثاني في تمهيد القواعد، القاعدة الخامسة و العشرون، حيث قال: (و لا إشكال في دلالتهما- أي الشرط و الصفة على نفي الحكم عند انتفائهما) في مثل الوقف و الوصايا و النذور .. إلخ).
[2] قال المحقّق التقيّ- (قدس سره)- في هدايته: (من التأمّل فيما قرّرنا يظهر أنّ ما ذكره الشهيد الثاني في التمهيد حاكيا له عن البعض من تخصيص محلّ النزاع بما عدا مثل الأوقاف و الوصايا و النذور و الأيمان .. غير متجه، إذ ليس ذلك من حجّيّة المفهوم في شيء .. إلخ). الهداية: 281.
[1] الكافي 3: 2- كتاب الطهارة- باب الماء الّذي لا ينجّسه شيء- ح: 1 و 2، و فيه اختلاف يسير.