الأصفهاني : بان
المستصحب ليس من الأمور المجهولة ، كما أنه لا يترتب عليه أثر مجعول إذ المترتب
عليه هو الفراغ عن العهدة ، وهو ليس بأثر شرعي بل هو عقلي [١].
أقول : بناء على
ما وجّه به كلام الكفاية من حمل مراده على ما إذا كان المطلوب هو طبيعي الترك بحده
بنحو الوحدة في الكثرة ، يكون الاستصحاب فيما نحن فيه من الاستصحاب الجاري في
متعلق الحكم ، وهو لا محذور فيه ، بل يلتزم به في بعض الموارد.
نعم ، بناء على ما
وجهنا به كلامه من حمل مراده على تعلق الطلب بترك أول الوجود ، لا يكون الاستصحاب
من استصحاب متعلق الحكم ، إذ الترك لازم للمتعلق لا نفس متعلق الحكم ، فيتوجه
الإشكال المزبور. وسيجيء تتمة توضيح لذلك في مبحث الشبهة الموضوعية إن شاء الله
تعالى فانتظر.
التنبيه
الرابع : لا يخفى ان
الاحتياط ـ بعد ثبوت حسنة عقلا ونقلا ـ يحسن في مطلق موارد احتمال التكليف ، سواء
كانت حجة على نفيه أم لم تكن.
نعم ، يستثنى ما
إذا استلزم الاحتياط اختلال النظام ، فانه لا يكون حسنا عقلا ولا شرعا ، إذ
الإخلال بالنظام قبيح عقلا ، فيمتنع أن يحسن الاحتياط المستلزم له ، بل الاحتياط
حسن بالمقدار الّذي لا يخل بالنظام ، فإذا وصل إلى حد الإخلال لم يكن حسنا. وهذا
واضح.
وقد نبّه المحقق
الأصفهاني على أمرين :
الأول : ان
الرجحان الشرعي لا حقيقة له إلا الاستحباب المولوي ، إذ الراجح من الشارع بما انه شارع
معناه المستحب المولوي ، إذ المدح من الشارع بما هو عاقل يرجع إلى رجحانه العقلي
لا رجحانه من الشارع بما هو شارع. إذن
[١] الأصفهاني
المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ٢ ـ ٢٣٠ ـ الطبعة الأولى.