كيفية الجمع بين
قاعدتي قبح العقاب بلا بيان ووجوب دفع الضرر المحتمل ـ لو سلم وجودهما ـ فنقول :
إن قاعدة قبح العقاب بلا بيان واردة على قاعدة دفع الضرر المحتمل ، لأن موضوع
الثانية احتمال الضرر. والأولى تنفي احتماله وتقضي بالجزم بعدمه فيرتفع موضوع
الثانية وجدانا.
ومعه لا مجال
لتقدم قاعدة دفع الضرر على قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، لاستلزامه الدور أو
التخصيص بلا وجه ، كما هو الشأن في كل دليل وارد ودليل مورود كالأصل السببي
والمسببي.
فراجع تلك المباحث
تطلع على تفصيل الوجه الّذي أشرنا إليه.
وهذا المعنى أشار
إليه الشيخ [١]. واكتفي بذكره صاحب الكفاية [٢] ، ولم يتعرض لما يرد على هذا البيان من إشكال أشار إليه الشيخ في كلامه ودفعه
[٣] ، مع أنه كان ينبغي أن يذكره ويردّه.
وعلى أي حال ، فقد
يقول القائل : إن ما بيّن في وجه ورود قاعدة قبح العقاب بلا بيان على قاعدة دفع
الضرر المحتمل يتأتى نظيره على العكس. فيقال : إن موضوع الأولى عدم البيان ،
والثانية تصلح لأن تكون بيانا ، فيرتفع بها موضوع الأولى ، فكل من القاعدتين رافع
لموضوع الأخرى ويتحقق التوارد بين القاعدتين.
وقد ذكر الشيخ رحمهالله في مقام دفع هذا
الإشكال كلام مجملا إليك نصه : « ان الحكم المذكور على تقدير ثبوته لا يكون بيانا
للتكليف المجهول المعاقب عليه ، وإنما هو بيان لقاعدة كلية ظاهرية وإن لم يكن في
مورده تكليف في الواقع ، فلو تمت عوقب على مخالفتها وان لم يكن تكليف في الواقع ،
لا على
[١] الأنصاري المحقق
الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٢٠٣ ـ الطبعة الأولى.
[٢] الخراسانيّ
المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٣٤٣ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.
[٣] الأنصاري المحقق
الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٢٠٣ ـ الطبعة الأولى.