ثانيتهما : ان بعض
الأحكام وان كانت شاملة للمجتهد بحسب موضوعها ، لكن ليست محل ابتلائه فعلا ، فلا
يتصور في حقه العمل كي يصح التعبد في حقه ، إذ التعبد بلحاظ الجري العملي.
ويجمع هاتين
الجهتين عدم كون الحكم الملتفت إليه فعليا بالنسبة إليه.
فنظر صاحب الكفاية
إلى ان الحكم الّذي يلتفت إليه المجتهد ، لا يلزم ان يكون متعلقا به ، بل أعم مما
يكون متعلقا به أو بمقلديه. فهو ناظر إلى تعميم الأثر في حالة المجتهد ، ولا دليل
على كون نظره إلى تخصيص الموضوع بالمجتهد.
وتحقيق الحال في
ذلك : ان ما ذكره من الإشكال يرجع إلى دعوى اختصاص آثار القطع بما إذا كان الحكم
متعلقا بنفس القاطع ـ مجتهدا كان أو مقلدا ـ ، إذ الحكم المتعلق بغيره ليس فعليا
بالنسبة إليه ، فلا يتصور فيه التعبد ، فمن لم تقم عنده الأمارة لا معنى لإلزامه
بمضمونها وتعبده به.
وعليه ، فلا معنى
لتعميم الحكم إلى حكم المجتهد والمقلد لتخلفه في بعض الحالات ، وهي ما إذا كان
الحكم مختصا بالمقلد فلا ينفع قيام الأمارة أو الأصل لدى المجتهد.
وعليه ، ان من
قامت عنده الأمارة هو المجتهد دون المقلد. والمفروض ان المجتهد لا علاقة له بالحكم
الّذي أدت إليه الأمارة ، فلا يتصور في حقه التعبد ، لعدم الأثر العملي بالنسبة
إليه. كما ان من يتصور في حقه التعبد وهو المقلد لعلاقته بالحكم لم تقم لديه
الأمارة.
وهكذا الحال في
الاستصحاب ، فنقول : ان من كان على يقين فشك هو المجتهد ولكن لا أثر للتعبد في حقه
، لعدم علاقة الحكم به ، ومن يتصور في حقه التعبد وهو المقلد لم يكن على يقين فشك.