أولا : بالنقض
بمورد الجاهل المركب المقصر ، فانه في حال علمه لا يمكن ثبوت أحكام الشك له ،
ولكنه لا يكون معذورا في مخالفته للواقع مع انه قاطع.
وثانيا : بأنه وان
سلم ان القاطع في حال قطعه لا يمكن إرجاعه إلى أحكام غير القاطع بما هي أحكام لغير
القاطع ، لكننا يمكننا ان ندعي هذا القاطع لا يكون معذورا لو خالف قطعه الواقع ،
وهذا هو المراد من نفي حجية قطعه.
بيان ذلك : ان
حجية القطع ترجع إلى وجوب متابعته ومنجزيته للواقع لو صادفه ومعذريته لو خالف قطعه
الواقع.
فالذي ندعيه : ان
العقل لا يحكم بمعذرية قطع القطاع لو خالف الواقع. وهذا لا محذور فيه أصلا ولا
يتنافى مع لزوم متابعة القطع الحاصل بنظر القاطع.
وعليه ، فيكون
الكلام في أن الحكم العقلي بمعذرية القطع وعدم استحقاق العقاب على مخالفة الواقع
الّذي تعلق القطع بخلافه ، هل هو ثابت لجميع افراد القطع اما انه ثابت لبعض
الافراد دون بعض؟.
ولا يخفى ان
التشكيك في ذلك يكفي في عدم ثبوت المعذرية ولا نحتاج إلى إثبات العدم ، وانما
الّذي يحتاج إلى الإثبات هو القول بالحجية.
ولكن الإنصاف عند
ملاحظة حال العقلاء ومعاملاتهم فيما بينهم ومع عبيدهم ـ التي هي الطريق لتشخيص أصل
حجية القطع في الجملة ـ هو عدم معذورية القاطع إذا كان قطعه من غير طريق متعارف ،
فمن امر وكيله بشراء خاصة له بالقيمة السوقية فاشتراها الوكيل بأزيد منها استنادا
إلى قطعه بان الثمن يساوي القيمة السوقية ، لكنه ملتفت إلى ان قطعه غير ناش عن سبب
متعارف فللموكل ان لا يعذر وكيله ويعاتبه كما لا يخفى.
وليس هذا امرا
بعيدا بعد التزام الفقهاء بمعاقبة الجاهل المركب المقصر