فذهب صاحب الكفاية
رحمهالله إلى : انّ هذا الاختلاف يرجع إلى حكم العقل في مقام الامتثال ، حيث انّ
المطلوب في باب الأمر إيجاد الطّبيعة ، وهو يتحقق بإيجاد فرد منها ، لأن وجود
الفرد وجود للطّبيعة ، والمطلوب في باب النّهي ترك الطّبيعة وهو لا يتحقق إلاّ
بترك جميع الافراد ، إذ مع وجود أيّ فرد توجد الطّبيعة فلا يتحقق التّرك المطلوب [١].
وقد ناقش في هذا
المفاد المحقّق الأصفهاني ببيان إليك نصّه [٢] : « لا يخفى عليك
انّ الطّبيعة توجد بوجودات متعدّدة ولكلّ وجود وعدم هو بديله ونقيضه ، فقد يلاحظ
الوجود مضافا إلى الطّبيعة المهملة الّتي كان النّظر مقصورا على ذاتها وذاتيّاتها
فيقابله إضافة العدم إلى مثلها ونتيجة المهملة جزئية ، فكما ان مثل هذه الطبيعة تتحقق
بوجود واحد كذلك عدم مثلها ، وقد يلاحظ الوجود مضافا إلى الطّبيعة بنحو الكثرة ،
فلكلّ وجود منها عدم هو بديله ، فهناك وجودات وإعدام. وقد يلاحظ الوجود بنحو
السّعة أي بنهج الوحدة في الكثرة بحيث لا يشذّ عنه وجود ـ يعني بنحو العموم
المجموعي ـ ، فيقابله عدم مثله ، وهو ملاحظة العدم بنهج الوحدة في الأعدام
المتكثّرة ، أي الطبيعيّ العدم بحيث لا يشذّ عنه عدم ، ولا يعقل ان يلاحظ الوجود
المضاف إلى الماهيّة على نحو يتحقّق بفرد ما ، فيكون عدم البديل له بحيث لا يكون
إلا بعدم الماهيّة بجميع افرادها. واما ما يتوهّم من ملاحظة الوجود بنحو آخر غير
ما ذكر ، وهو ناقض العدم الكلّي وطارد العدم الأزليّ بحيث ينطبق على أوّل الوجودات
ـ ويعبّر عنه بصرف الوجود ـ ، ونقيضه عدم ناقض العدم ، وهو بقاء العدم الكلّي على
حاله ، فلازم مثل هذا الوجود تحقّق الطبيعة بفرد ، ولازم نقيضه انتفاء الطّبيعة
بانتفاء جميع افرادها
[١] الخراسانيّ
المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ١٤٩ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.
[٢] ذكرنا ما ينصه ،
لوضوحه فلا يحتاج إلى توضيح. ( منه عفي عنه ).