الاضطرار العرفي
بواسطة هذه الأدلة ، لكنه لا ينظر فيه التقييد بعدم الاضطرار من جهة الحكم الشرعي
المزاحم ، فلا يكون الحكم الشرعي رافعا لموضوع الآخر.
بيان ذلك : ان رفع
الاضطرار بمعناه الأولي وهو الاضطرار العقلي لا معنى له ، إذ هو ثابت عقلا لعدم
التمكن ، فلا منّة في رفع الحكم في حاله ، لأنه مما يحكم به العقل ، كما لا يحتاج
ذلك إلى الاستيهاب من الله سبحانه كما جاء في بعض الآيات الشريفة [١].
اذن فما هو المراد
من رفع الحكم حال الاضطرار المصحّح للامتنان؟. ذكر الشيخ في رسائله في مقام دفع
هذا الإشكال : ان المقصود بالاضطرار هو الاضطرار العرفي بمعنى المشقة والعسر. ومن
الواضح ان رفع الحكم في حالته يكون امتنانا لإمكان جعل الحكم في حالته فيقع العبد
في المشقة [٢].
وبهذا الإشكال
والجواب يتضح ان رفع الاضطرار انما يصح ويتّجه في مورد لا يكون فيه التكليف ممتنعا
، إذ مع امتناعه في نفسه لا نحتاج إلى بيان ارتفاعه من باب المنّة لأنه مرتفع قهرا
بحكم العقل فلا منّة في رفعه.
وعليه ، فلا يشمل
الدليل صورة المزاحمة لأن جعل التكليفين ممتنع في نفسه لعدم القدرة على امتثالهما
، فارتفاع كل من الحكمين بوجود الآخر أمر قهري لا بد منه فلا يكون مشمولا لدليل
الرفع ، فلا يكون الحكم حينئذ مقيّدا موضوعه بعدم الاضطرار من جهة المزاحم بواسطة
دليل الرفع ، بل تقيده بحكم العقل نظير تقيده بالقدرة على متعلّقه.
وعلى هذا فلا يكون
أحد الحكمين رافعا لموضوع الآخر بالبيان الّذي