ثم انه إذا أحرز
كون المتكلم في مقام البيان فلا إشكال. ولو شك في كونه في مقام البيان فلدينا
صورتان :
الأولى : ان لا
يحرز انه في مقام البيان من أيّ جهة من الجهات ، بل يحتمل انه في مقام الإهمال من
جميع الجهات.
الثانية : ان يحرز
انه في مقام البيان من جهة ويشك في كونه في مقام البيان من جهة أخرى ، كما لو قال
: « أكرم العالم » وأحرز انه في مقام البيان من جهة العدالة والفسق وشك فيه من جهة
السيادة وعدمها.
اما الصورة الأولى
: فلا إشكال في ان بناء العقلاء على حمل المتكلم على كونه في مقام البيان ، وحينئذ
فيجوز التمسك بالإطلاق من جميع الجهات لعدم المرجح لإحداها على الأخرى.
واما الصورة
الثانية : فظاهر الكفاية ثبوت البناء العقلائي على ان المتكلم في مقام البيان ،
واستشهد على ذلك بالتمسك بالإطلاقات من دون فحص وإحراز لكون المتكلم في مقام
البيان [١]. وخالفه المحقق النائيني قدسسره فذهب إلى عدم الدليل على إثبات انه في مقام البيان من
الجهة المشكوكة ، لارتفاع اللغوية بكونه في مقام البيان من الجهة الأخرى ـ كما هو
الفرض ـ [٢].
أقول : استدلاله قدسسره بعدم اللغوية في
غير محله ، إذ لم يكن البناء على ان المتكلم في مقام البيان من جهة صون كلامه عن
اللغوية ، كيف؟ وقد التزم قدسسره بإمكان ورود الكلام في مقام التشريع لا أكثر.
[١] الخراسانيّ
المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٢٤٨ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.
[٢] المحقق الخوئي
السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ١ ـ ٥٢٩ ـ الطبعة الأولى.