ولكن استشكل في
ذلك صاحب الكفاية ، فأفاد : ان أساس النزاع على ان تعدد الوجه يكفي في رفع الغائلة
أو لا؟. فمع الالتزام بكفايته وانه يستلزم تعدّد المعنون ، فمتعلّق الحكم وان كان
هو الفرد بهذا المعنى إلاّ انه حيث كان ذا وجهين كان مجمعا لفردين من طبيعتين ،
أحدهما متعلّق الأمر والآخر متعلّق النهي ، فلا يلزم اجتماع الضدّين. ومع الالتزام
بعدم كفايته وانه لا يستلزم تعدّد المعنون ، فالاجتماع محال حتى على القول بتعلّقه
بالطبيعة ، لأن وجود كل من الطبيعتين عين وجود الأخرى ، والمطلوب هو وجود الطبيعة
ـ كما تقدّم ـ فيلتزم اجتماع الأمر والنهي في واحد وهو محال [١].
وقد قرّبت الدعوى
المزبورة بنحو يتّفق مع مسلك صاحب الكفاية من الفرد ، وهو الطبيعة المقيّدة
بلوازمها من زمان ومكان ونحوهما. بيان ذلك ، ان الأمر إذا فرض تعلّقه بالفرد ، فهو
يعني تعلّقه بالطبيعة مع عوارضها اللازمة ، فيكون تقيّدها بالمكان متعلّقا للأمر ،
وهذا ينافي مع تعلّق النهي به ـ في مثل الصلاة في المكان المغصوب ـ لأنه يلزم
تعلّق الحكمين في شيء واحد لوجه واحد.
وأجيب عن هذا
الإشكال : بان الفرد عبارة عن الطبيعة مقيدة بكلي المكان وكلي الزمان ونحوهما ، لا
بخصوص هذا المكان ونحوه ، فهذا المكان الخاصّ لم يتعلّق به الأمر. ولو أنكر ذلك
بدعوى ان كلّي المكان لا يوجب التفرد ، فان ضم كلي إلى كلي لا يستلزم الفرديّة وان
أوجب تضييق دائرة الصدق. فنقول : ان الفرد وان كان عبارة عن الطبيعة مقيّدة
بالمكان الخاصّ ، لكن القيد ذات المكان لا بعنوان انه غصب ـ مثلا ـ ، فهو مأمور به
بعنوان انه لازم الطبيعة ، ومنهي عنه باعتبار انه غصب ، فيكون من اجتماع الأمر
والنهي في واحد بوجهين وهو
[١] الخراسانيّ
المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ١٥٤ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.