لحاظ ترتب أثر
عملي عليه ـ ، فلا بدّ على هذا من تعميم البحث وإثبات الجواز من جميع الوجوه
اللازمة من تعلّق الأمر والنهي بواحد ذي وجهين من تضادّ ومزاحمة ، لا الوجوه المعارضة
اتّفاقا ، فلا وجه لقياس عدم المندوحة بغيرها من الجهات الاتفاقيّة المانعة من
الحكم بالجواز فعلا.
ثم انه ذكر ـ بعد
ذلك ـ وجها لإنكار لزوم التقييد بالمندوحة ، وإليك نصّه : « انه لو كان تعدّد
الوجه مجديا في تعدّد المعنون لكان مجديا في التقرب به من حيث رجحانه في نفسه ،
فان عدم المندوحة يمنع عن الأمر لعدم القدرة على الامتثال ، ولا يمنع من الرجحان
الذاتي الصالح للتقرّب به ، فكما ان تعدّد الجهة يكفي من حيث التضاد كذلك يكفي من
حيث ترتّب الثمرة ، وهي صحّة الصلاة فلا موجب للتقييد بعدم المندوحة لا على القول بالتضادّ
، لما عرفت من لكفاية الاستحالة من جهة التّضاد في عدم الصحّة ، ولا على القول
بعدم التضادّ ، لما عرفت من كفاية تعدد الجهة من حيث التقرب أيضا » [١].
وتحقيق الحال :
انه إن قيل بامتناع اجتماع الأمر والنهي من جهة التضاد لوحدة الوجود ، فلا أثر
لوجود المندوحة وعدمها في ذلك وهكذا لو قيل بالجواز من جهة التضادّ باعتبار تعدّد
الوجود ، فانّه لا دخل للمندوحة فيه أيضا.
وحينئذ لو قلنا
بعدم الجواز للتزاحم في مقام الامتثال ، فبما ان الملاك موجود والمرتفع هو الأمر
فقط ، فان قيل بكفاية قصد الملاك في حصول التقرب ، فلا دخل للمندوحة وعدمها في صحة
العبادة ، وان لم يلتزم بكفاية الملاك باعتبار وحدة الإيجاد وان تعدّد الوجود ،
فلا يختلف الحال أيضا.
وحينئذ فان التزم
بما التزم به المحقّق الكركي رحمهالله من إمكان الإتيان بالفرد المزاحم بداعي الأمر بالطبيعة ،
كان لوجود المندوحة أثر ظاهر ، إذ
[١] الأصفهاني
المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ٢٦٤ ـ الطبعة الأولى.