ومنهم من يرى ان
المنشئ يقصد إيجاد المنشأ بوجود إنشائي يكون موضوعا للآثار العقلائية والشرعية ،
فللملكية وجود إنشائي غير وجودها في مرحلة الاعتبار العقلائي. وهذا الرّأي لصاحب
الكفاية وصرّح به وأكده في الفوائد [١].
وهذا الرّأي وان
لم يلتزم به القوم لكن صرحوا في بعض الموارد بلوازمه ، وذلك كما قيل في ردّ
الإشكال على صحة إمضاء المعاملة الفضولية ، بان إمضاء المعدوم لا وجه له. فقيل في
ردّه : بان للمعاملة نحو وجود مستمر ، كما قيل : بان مراد الشيخ في تعريف البيع
بإنشاء التمليك هو التمليك الإنشائيّ ، لعدم سلامة الأوّل من كثير من الإيرادات.
ومنهم من يرى ان
إنشاء الملكية ليس إلاّ التسبب إلى اعتبارها شرعا أو عقلائيا ، فليس للملكية سوى
وجود اعتباري واحد. وهو الرّأي المشهور في باب الإنشاء.
ولا يخفى ان الوجه
المتقدم لإثبات ملازمة النهي للصحة لا يتم بناء على الرّأي الأول ، لأن ما هو فعل
المكلف وما هو متعلق الحرمة هو لاعتبار الشخصي ، اما غيره فليس من أفعاله كي يتعلق
به التحريم.
ومن الواضح انه
مقدور للمكلف ولو لم يترتب عليه الاعتبار الشرعي ، فيصح تعلق التحريم به مع عدم
استلزامه لترتب الأثر شرعا. وهكذا لا يتم هذا الوجه على الرّأي الثاني ( رأي صاحب
الكفاية ) ، إذ فعل المكلف هو الوجود الإنشائي وهو يتحقق سواء ثبت الأثر شرعا أو
لا ، فالقدرة عليه لا تلازم الصحة.
ومما هو غريب جدا
موافقة صاحب الكفاية للقائل مع التزامه بهذا الرّأي
[١] الخراسانيّ
المحقق الشيخ محمد كاظم. فوائد الأصول ـ ٢٨٥ ـ المطبوعة ضمن الحاشية.