بعد وضوح التّضاد
بين الحكمين ممّا لا تكاد تخفى » [١].
من دفع : ان
اجتماع الشيئين المتنافيين في شيء واحد قد يكون على نحوين أحدهما ممتنع والآخر
جائز ، مثال ذلك : إذا كان في الدار نار في طرف وماء في طرف آخر ، فانه يصدق
اجتماع النار والماء في الدار حقيقة ومن دون مسامحة وهو جائز لا امتناع فيه ، كما
ان اجتماعهما في نقطة واحدة من الدار يستلزم صدق اجتماعهما في الدار حقيقة ولكنّه
ممتنع ، فاجتماع النار والماء في الدار يتصوّر على نحوين أحدهما ممتنع والآخر
جائز.
وعليه فالبحث في
جواز اجتماع الأمر والنهي في واحد وعدمه لا يرجع إلى الالتزام بعدم تضادّ الحكمين
، بل مرجعه إلى ان متعلّق الأمر والنهي في الحقيقة واحد فيمتنع اجتماعهما لأنه من
قبيل الاجتماع النار والماء في نقطة واحدة ، أو ان المتعلق متعدّد فيجوز اجتماعهما
في ذلك الواحد ، لأنه من قبيل النار والماء في نقطتين.
وبالجملة : فيصح
ان يبحث في جواز اجتماع الأمر والنهي في واحد ذي وجهين وعدمه ، ويكون منشأ الخلاف
هو ان هذا الواحد ذي الوجهين واحد حقيقة أو متعدّد ، فيمتنع اجتماعهما فيه على
الأول ويجوز على الثاني من دون إيهام رجوعه إلى إنكار تضاد الحكمين.
الثانية : أولويّة
عنوان المشهور من عنوانه قدسسره.
والوجه فيها : ان
المحقّق النائيني وغيره يخرج في بحثه عن العنوان بالنحو الّذي حرّره ، فانه ركز
البحث في ان الجهتين تقييديتان ، فيكون متعلّق الأمر غير متعلّق النهي أو
تعليليتان فيتّحد متعلّق الأمر والنهي ، فالبحث أساسه في هذه الصغرى وعليه بني
السراية وعدمها ، وإلاّ فهو لم يبحث أصلا فيما هو
[١] المحقق الخوئي
السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ١ ـ ٣٣١ ـ الطبعة الأولى.