وقد تعرض المحقق
النائيني إلى حل الإشكال ببيان آخر. محصله : ان النهي هنا يحمل على حقيقته من كونه
نهيا تنزيهيا مولويا ولا وجه للتصرف بظاهره للتمكن من رفع الإشكال من دون تصرف.
وبيان ذلك : ان النهي عن شيء يرتبط بعمل واجب.
تارة : يقصد به
الإرشاد إلى مانعية متعلقه عن صحة العمل ، فهذا لا يستفاد سوى مانعية متعلقه عن
صحة العمل كالنهي عن لبس الحرير في الصلاة ، فانه إرشاد إلى مانعيته عن صحة
الصلاة. ومثل هذا يستلزم تقييد إطلاق المأمور به لو كان له إطلاق بالإضافة إلى
وجود القيد وعدمه.
وأخرى : يكون
مولويا يتكفل الزجر عن متعلقه ، وهو تارة يكون تحريميا. وأخرى يكون تنزيهيا. فان
كان تحريميا استلزم تقييد إطلاق المأمور به ـ كما سيتضح ـ. وان كان تنزيهيا لم
يستلزم تقييد الإطلاق ، بل لا منافاة بين تعلق الأمر وثبوت النهي لا في مقام جعل
الحكم ولا في مقام الامتثال.
اما مقام جعل
الحكم ، فالمنافاة المتصورة هي تعلق الحكمين بشيء واحد فيلزم التضاد ، وهي غير
موجودة ، لأن متعلق الأمر غير متعلق النهي ، لأن الأمر يتعلق بصرف وجود الطبيعة
والنهي متعلق بالفرد الخاصّ ، واختلاف المتعلق يرفع التضاد.
واما مقام
الامتثال ، فلان تعلق الحكم بصرف الوجود يستلزم حكم العقل بترخيص المكلف في تطبيق
المأمور به على أي فرد شاء ولو كان هو الفرد المكروه ، وهذا لا يتنافى مع كراهة
العمل ، كما لا يخفى.
نعم ، لو كان
الفرد محرما لم يجتمع التحريم مع الترخيص في إتيان هذا الفرد امتثالا للأمر لعدم
اجتماع المنع والترخيص ، ولذا كان التحريم مقيدا لإطلاق المأمور به كما أشرنا
إليه.