وبالجملة : الّذي
يظهر من كلام صاحب الكفاية هو دعوى الملازمة بين الأمر بالشيء والنهي عن الترك [١].
وللمحقق النائيني
في المقام كلام محصّله : انه إذا فسرنا النهي بطلب الترك ، فمعنى النهي عن الترك
هو طلب تركه ، وطلب ترك الترك عين طلب الفعل واقعا وان تغاير عنه مفهوما ، لأن ترك
الترك لا واقع له غير الفعل وإلاّ لزم ان يكون هناك واقع وراء المتناقضين وهو محال
، ولأجل ذلك اشتهر ان نفي النفي إثبات.
فعليه ، يكون
الأمر بالشيء عين النهي عن الترك.
إلاّ ان هذا لا
يرتبط بما نحن فيه ، فانه انما يرتبط بما إذا كان هناك إنشاءان أحدهما يتضمن طلب
الفعل والآخر يتضمن النهي عن الترك ، فنقول :
ان أحدهما يرجع
إلى الآخر وكل منهما عين الآخر حقيقة. اما إذا كان هناك إنشاء واحد يتضمن طلب
الفعل فلا يتأتى فيه ما ذكر ، إذ قد يغفل الآمر عن ترك تركه كي يطلبه ، فيقال انه
عين طلب الفعل ، وما نحن فيه من هذا القبيل. هذا ملخص كلامه [٢].
وفيه : ما لا يخفى
، فانه ان أريد من الأمر والنهي نفس الإنشاء اللفظي بان كانا اسمين للفظ الّذي
ينشأ به المفهوم ، كان من الواضح تغاير الأمر بالفعل والنهي عن الترك ، فانه قوله
: « صلّ » ـ مثلا ـ يغاير قوله : « لا تترك الصلاة » بالبداهة ، سواء ذلك في صورة
وجود الأمر والنهي خارجا وصورة وجود أحدهما. وان أريد من الأمر والنهي واقع
الإنشاء ، أعني به الطلب النفسيّ ، كان طلب الشيء عين النهي عن ضده العام بعد ان
كان المنهي عبارة عن طلب الترك ، سواء تعدد الإنشاء فكان إنشاء للنهي وإنشاء للأمر
أم اتحد الإنشاء فكان للأمر
[١] الخراسانيّ
المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ١٣٣ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.
[٢] المحقق الخوئي
السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ١ ـ ٢٥١ ـ الطبعة الأولى.