ينسب الوجود له
باعتبار صيرورته طرفا لاعتبار المعتبر.
وهذه الأمور
الاعتبارية تارة تكون من الأمور التسبيبية ، بمعنى ان المنشئ والمعتبر لا يقصد
حصول الأمر الاعتباري بمجرد اعتباره ، بل يقصد التسبيب بهذا الإنشاء إلى الاعتبار
العقلائي أو الشرعي أو غيرهما. وذلك كالملكية ونحوها من الاعتبارات الشرعية ، فان
الملكية توجد في عالم الاعتبار من الشارع مباشرة ، بمعنى ان من يتولى الاعتبار هو
نفسه ومن المتعاقدين بالتسبيب. وأخرى تكون من الأمور المباشرية ، بمعنى ان المعنى
المعتبر يحصل بنفس اعتبار الفرد لا باعتبار العقلاء أو الشارع وكان الفرد بإنشائه
سببا لذلك.
ومن النحو الثاني
الاختصاص الوضعي ، فانه لا يحتاج في وجوده الا إلى اعتبار الواضع والاعتبار ، كما
هو واضح قائم في نفس المعتبر بالمباشرة لا بالتسبيب ، وان توقف اثره في بعض
الأوضاع على إمضاء العقلاء أو مشاركتهم له فيه ، لكنه لا بنحو يكون وضعه تسبيبا
لاعتبارهم ، بل يكون حاصلا بوضعه واعتباره مباشرة ولا يتوقف تحقق الاختصاص في عالم
الاعتبار على الاعتبار العقلائي ، بحيث يكون اعتبار الفرد تسبيبا له كتسبيب
المتعاقدين لاعتبار الملكية.
وبعد هذا أفاد : «
بأنه لا شبهة في اتحاد حيثية دلالة اللفظ على معناه وكونه بحيث ينتقل من سماعه إلى
معناه مع حيثية دلالة سائر الدوال ، كالعلم المنصوب على رأس الفرسخ ، فانه أيضا
ينتقل من النّظر إليه إلى ان هذا الموضع رأس الفرسخ ، غاية الأمر ان الوضع فيه
حقيقي وفي اللفظ اعتباري ، بمعنى كون العلم موضوعا على رأس الفرسخ خارجي ليس
باعتبار معتبر ، بخلاف اللفظ فانه كأنه وضع على المعنى ليكون علامة عليه ، فشأن
الواضع اعتبار وضع لفظ خاص على معنى خاص » [١].
[١] الأصفهاني
المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ١٤ ـ الطبعة الأولى.