الوضع للأعم لا
تستلزم المجاز ، إذ هي من باب التطبيق كما هو شأن كل لفظ موضوع للكلي ويراد به
فرده ، لا من باب الاستعمال فلا مجاز في البين كي ينفى بأصالة الحقيقة.
وقد أشير إلى
التقريب المذكور والإشكال فيه أولا في حاشية منسوبة إلى صاحب الكفاية رحمهالله على المقام [١]. لكنه يبعد منه ذلك لوضوح الإشكال في التقريب المذكور ، فيبعد ان يلتزم به
وهو مما لا يخفى على مثل صاحب الكفاية.
فالأولى ـ بل
المتعين ـ ان يقال في تقريبه : إن الأثر رتب على الصلاة بما لها من معنى مرتكز في
الأذهان ، وحيث انه يعلم ان هذا الأثر الّذي رتب على الصلاة انما يترتب على الصحيح
منها يكون ذلك كاشفا عن كون معنى الصلاة هو الصحيح. وبعبارة أخرى : انه حين أطلق
لفظ : « الصلاة » كان لها معنى إجمالي في الذهن غير متميز من حيث كونه خصوص الصحيح
أو الأعم ، وقد رتب الأثر وحمل العنوان المنتزع عن مقام ترتب الأثر على اللفظ بما
له من المعنى الإجمالي ، ونحن نعلم بان الأثر انما يترتب على الصحيح دون الأعم ،
فقد علمنا بان ذلك المعنى الارتكازي هو الصحيح دون الأعم ، ولم يحدث بذلك أي تغيير
في المنتقل له من لفظ الصلاة قبل الحكم والحمل ، بل المنتقل إليه واحد في كلا
الحالين ـ قبل الحكم وبعده ـ ، فيعلم بالوضع للصحيح فيكون الحمل المزبور نظير
التبادر الموجب للعلم التفصيليّ بان المعنى الارتكازي الإجمالي هو الصحيح.
وهذا وجه متين ـ في
نفسه ـ ، وهو لا يرجع إلى التبادر ونحوه كما لا يخفى على من تأمل فيه واستوضحه.
ومن مجموع ما
ذكرنا يتضح ان عمدة أدلة القول بالوضع للصحيح هو الوجه الثالث.
[١] الخراسانيّ
المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٣٠ هامش رقم (١) ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.