من الناحية
العلمية ، لأنه قدم الإيراد الثالث على الأولين ، ثم ذكر الأولين بنحو التنزل عن
الإيراد الأول [١] ، ولا يخفى انه بعد تسليم عدم ورود الثالث ، وان الواحد
بالعنوان كاشف عن وحدة المؤثر بالحقيقة ، لا وجه للإيراد بعد ذلك بما هو مقتضى
الأولين من عدم معقولية الجامع ، لحصول التصادم بين الأمرين والعلم بعدم تمامية
أحدهما ، وهذا بخلاف النحو الّذي ذكرناه وذكره المحقق الأصفهاني في ترتيب ذكر
الإيرادات. فتدبر ، والأمر سهل.
الوجه الثاني ـ من
وجوه تصوير الجامع ـ أن يفرض للافراد الصحيحة جامع عنواني لا حقيقي مقولي كعنوان
الناهي عن الفحشاء ويكون اللفظ موضوعا بإزائه ، ولا يرد عليه المحاذير السابقة
الواردة على الجامع المقولي.
إلاّ ان تصويره
بذلك يشكل من وجوه :
الأول : لزوم
الترادف بين لفظ الصلاة وعنوان الناهي عن الفحشاء ، وهو غير متحقق عرفا.
الثاني : لزوم كون
استعمال اللفظ في الذات المعنونة بالعنوان مسامحيا ومجازيا لأنه موضوع للعنوان لا
المعنون ، فاستعماله في المعنون يكون استعمالا له في غير ما وضع له. مع ان العرف
لا يرى أي مسامحة وعناية في استعمال اللفظ في المعنون.
الثالث : لزوم
إجراء قاعدة الاشتغال عند الشك في جزئية شيء للمأمور به ، لأن المأمور به انما هو
العنوان الانتزاعي ، وهو يتحصل ويتحقق بالاجزاء والشرائط جمعا ، فيكون الشك في
جزئية شيء مستلزما للشك في في تحققه وحصوله عند عدم الإتيان به ، فيكون المورد من
موارد الاحتياط لقاعدة الاشتغال لا من موارد البراءة. وبعبارة أخرى : لما كان
العنوان الانتزاعي انما ينتزع عن مجموع الاجزاء والشرائط ولا يحصل بحصول أول جزء
ويكون
[١] الفياض محمد
إسحاق. محاضرات في أصول الفقه ١ ـ ١٤٤ ـ الطبعة الأولى.