الجزء الأخير و غيره، لعموم الأدلة على ما ذكرناه. نعم لا تجري قاعدة الفراغ فيما إذا شك في صحة غسل الوجه مثلا، لاحتمال كون الماء المغسول به مضافاً، لكون المأمور به و ما سماه اللَّه هو الغسل بالماء، لقوله تعالى: (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ... إلخ) بضميمة قوله تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا ... إلخ فيكون الشك المذكور شكاً في وجود ما سماه اللَّه و أمر به، لا في صحته، فلا تجري قاعدة الفراغ فيه، و كذا لا تجري قاعدة الفراغ فيما إذا شك في صحة غسل اليد اليمنى بعد الاشتغال بغسل اليد اليسرى، لاحتمال وقوع الغسل من الأعلى بناء على كون الغاية في قوله تعالى:
... وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ ... غاية للغسل، إذ المأمور به و ما سماه اللَّه حينئذ هو الغسل من الأسفل، فيكون الشك المذكور شكاً في وجوده، فلا يكون مورداً لقاعدة الفراغ، و لكنه مجرد فرض، إذ لا قرينة على كون الغاية غاية للغسل، بل القرينة- على كونها غاية للمغسول- موجودة و هي قوله تعالى: وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ فانه لا خلاف ظاهراً في كون الغاية فيه غاية للممسوح لا للمسح و لذا التزموا بجواز المسح من الكعبين إلى الأصابع. و وحدة السياق تشهد بأن الغاية في قوله تعالى: «و أيديكم إلى المرافق» غاية للمغسول لا للغسل، و إنما أوجبنا الغسل من الأعلى للروايات الواردة في المقام.
و قد يستدل لعدم جريان قاعدة الفراغ في اجزاء الوضوء بموثقة ابن أبي يعفور من قوله عليه السلام: «إذا شككت في شيء من الوضوء و قد دخلت في غيره، فليس شكك بشيء ... إلخ» بتقريب أن الضمير في قوله عليه السلام: «في غيره» راجع إلى الوضوء و أن الشيء في قوله عليه السلام: «إذا شككت في شيء» بإطلاقه شامل للوجود و الصحة، فيكون مفادها أن الشك في جزء من أجزاء الوضوء سواء كان متعلقاً بوجوده أو بصحته إنما لا يعتنى به إذا كان الشك بعد الفراغ، و مفهومه