في باب الاستصحاب- متين، إلا أن ما ذكره- في وجه حجيته في باب الأمارات من أن الاخبار عن الملزوم اخبار عن لازمه فتشمله أدلة حجية الخبر- غير سديد، لما عرفت.
و ذكر المحقق النائيني (ره) وجهاً ثالثاً و هو أن المجعول في باب الأمارات هي الطريقية و اعتبارها علماً بالتعبد، كما يظهر ذلك من الاخبار المعبرة- عمن قامت عنده الأمارة- بالعارف كقوله عليه السلام: «من نظر في حلالنا و حرامنا و عرف أحكامنا ...» فيكون من قامت عنده الأمارة عارفا تعبديا بالاحكام، فكما أن العلم الوجداني بالشيء يقتضي ترتب آثاره و آثار لوازمه، فكذلك العلم التعبدي الجعلي، بخلاف الاستصحاب، فان المجعول فيه هو الجري العملي على طبق اليقين السابق، و حيث أن اللازم لم يكن متيقناً، فلا وجه للتعبد به، فالفرق بين الأمارة و الأصل من ناحية المجعول.
و فيه (أولا)- عدم صحة المبنى، فان المجعول في باب الاستصحاب أيضا هو الطريقية، و اعتبار غير العالم عالماً بالتعبد، فانه الظاهر من الأمر بإبقاء اليقين و عدم نقضه بالشك، فلا فرق بين الأمارة و الاستصحاب من هذه الجهة، بل التحقيق أن الاستصحاب أيضا من الأمارات، و لا ينافي ذلك تقديم الأمارات عليه، لأن كونه من الأمارات لا يقتضي كونه في عرض سائر الأمارات، فان الأمارات الأخر أيضا بعضها مقدم على بعض، فان البينة مقدمة على اليد، و حكم الحاكم مقدّم على البينة، و الإقرار مقدم على حكم الحاكم. و سيأتي وجه تقديم الأمارات على الاستصحاب إن شاء الله تعالى:
و (ثانياً)- أنا ننقل الكلام إلى الأمارات، فانه لا دليل على حجية مثبتاتها. و ما ذكره- من أن العلم الوجداني بشيء يقتضي ترتب جميع الآثار