(الوجه الثاني)- ما ذكره شيخنا الأنصاري (ره) و ملخصه أن لخبر الفاسق حيثيتين: (إحداهما)- ذاتية، و هي كونه خبر الواحد، و (الأخرى) عرضية و هي كونه خبر الفاسق، و قد علق وجوب التبين على العنوان العرضي، فيستفاد منه انه العلة لوجوب التبين، دون العنوان الذاتي، و إلّا لكان العدول عن الذاتي إلى العرضي قبيحاً و خارجاً عن طرق المحاورة، فانه نظير تعليل نجاسة الدم بملاقاته المتنجس مثلا، و عليه فيستفاد انتفاء وجوب التبين عند انتفاء هذا العنوان العرضي، و هو كونه خبر الفاسق.
و قد أورد على هذا الاستدلال بإيرادات: (الإيراد الأول)- ان كون الخبر خبر واحد أيضاً من العناوين العرضية، ككونه خبر فاسق، فكل من العنوانين عرضي يحتمل دخل كليهما في الحكم و تخصيص أحدهما بالذكر لعله لنكتة كالإشارة إلى فسق الوليد مثلا و فيه ان المراد بخبر الواحد في المقام هو الّذي لا يفيد القطع، و يحتمل الصدق و الكذب في قبال المتواتر و المحفوف بالقرينة القطعية، و هذا هو المراد من النبأ في الآية الشريفة بقرينة وجوب التبين عنه، إذ الخبر المعلوم صدقه متبين في نفسه، و لا معنى لوجوب التبين عنه و بقرينة التعليل، و هو قوله تعالى: (أن تصيبوا قوماً بجهالة) و ليس مراد الشيخ (ره) من الذاتي في المقام هو الذاتي في باب الكليات أي الجنس و الفصل، بل مراده هو الذاتي في باب البرهان، أي ما يكفي مجرد تصوره في صحة حمله عليه، من دون احتياج إلى لحاظ امر خارج كالإمكان بالنسبة إلى الإنسان مثلا، فانه ليس جنساً و لا فصلا له. ليكون ذاتياً في باب الكليات، بل ذاتي له في باب البرهان، بمعنى ان تصور الإنسان يكفى في صحة حمل الإمكان عليه، بلا حاجة إلى لحاظ أمر خارجي و من الواضح ان الخبر في نفسه يحتمل الصدق و الكذب، و يصح حمل ذلك عليه، بلا حاجة إلى ملاحظة امر خارج عنه، فكونه خبر واحد ذاتي له،