صورة
الشك، كأصالة الحلية و الاستصحاب، فلا بدّ من الالتزام بكونها مثلهما في ذلك، أي
في عدم كونها أمارة.
و
دعوى أنّ ظاهر قول أمير المؤمنين (عليه السّلام): «ما من قوم فوّضوا أمرهم إلى
اللَّه عزّ و جلّ و ألقوا سهامهم، إلّا خرج السهم الأصوب»
[1]. أنّ القرعة لا تخطئ أصلًا، بل الخارج سهم المحقّ دائماً، كما في
مرسلة الفقيه عن الصادق (عليه السّلام) أيضاً قال: «ما يقارع قوم فوّضوا أمرهم إلى
اللَّه إلّا خرج سهم المحقّ» [2] و هو معنى الأماريّة بل هي الأمارة الدائمة المطابقة.
مدفوعة
بأنّ غاية ما يدلّ عليه مثل هذا التعبير هو مجرّد تطبيق اللَّه تعالى السهم الخارج
على الواقع دائماً؛ لأجل تفويض الأمر إليه و جعله هو الحكم، و هذا يغاير معنى
الأماريّة؛ فإنّها متقوّمة بحيثيّة الكشف و الإراءة، و القرعة فاقدة لها، بل تكون
القرعة على هذا نظير الاستخارة التي ليست بأمارة قطعاً. و من ذلك يظهر الخلل فيما
أفاده المحقّق البجنوردي [3] من جعل القرعة و الاستخارة من الأمارات
[4]؛
[1] الوسائل: 17/ 593 ب 4 من أبواب ميراث الغرقى
ح 4.
[4] أقول: بناءً على ما ذكرناه سابقاً من أنّ
المطلوب في الاستخارة و نحوها من موارد القرعة، التي لا تعين لها من حيث الحكم
الشرعي، هو استكشاف ما فيه الخير و الاستحقاق الواقعي تكون القرعة في جميع الموارد
كاشفة عن واقع معيّن، غاية الأمر في أطراف العلم الإجمالي كان الواقع هو الحكم
الواقعي التكليفي أو الوضعي أو موضوعهما، و في غيرها يكون الواقع جهة الخير و
الصلاح و موارد الأولوية و الاستحقاق، و يحكم بكونها كاشفة كما هو ظاهر أكثر
أدلّتها. إلّا أنّ الإصابة و الكشف تابعان في القوة و الضعف مراتب التفويض و
الإخلاص حتى يصل إلى مرحلة الأكمل و الأوفى، و هي مرحلة تفويض المعصوم (عليه
السّلام)، و فيها كانت الإصابة قطعية و جهة الكشف حتمية كما قال اللَّه تبارك و
تعالى: وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا فافهم و تدبّر فإنّه لطيف جدّاً.