اسم الکتاب : غنية النزوع إلى علمي الأصول والفروع المؤلف : ابن زهرة الجزء : 1 صفحة : 402
كتاب الجنايات
وما توجبه
الجنايات على ضربين : قتل وغير قتل ، فالقتل على ضروب ثلاثة : عمد
محض ، وخطأ محض ، وخطأ شبيه العمد.
فالعمد المحض هو ما وقع من كامل العقل عن قصد إليه بلا خلاف ، سواء
كان بمحدد ، أو مثقل ، أو سم ، أو خنق ، أو تغريق ، أو تحريق ، بدليل إجماع
الطائفة ، وأيضا قوله تعالى (وَمَنْ قُتِلَ
مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً)[١] ، لأنه لم يفصل [٢] بين أن يكون القتل بمحدد أو غيره.
ويحتج على
المخالف بما رووه من قوله عليهالسلام : ثم أنتم يا خزاعة قد قتلتم هذا القتيل من هذيل ، وأنا
والله عاقلته ، فمن قتل بعده قتيلا ، فأهله بين خيرتين : إن أحبوا قتلوا وإن أحبوا
أخذوا الدية [٣] ، لأنه لم يفرق أيضا.
والخطأ المحض ، هو ما وقع من غير قصد إليه ، ولا إيقاع سببه بالمقتول
، نحو أن يقصد المرء رمي طائر مثلا فيصيب إنسانا فيقتله ، بلا خلاف.
والخطأ شبيه العمد ، هو ما وقع من غير قصد إليه ، بل إلى إيقاع ما يحصل
القتل عنده مما لم تجر العادة بانتفاء الحياة بمثله بالمقتول ، نحو أن يقصد المرء
تأديب من له تأديبه ، أو معالجة غيره بما جرت العادة بحصول النفع عنده ، من مشروب
، أو فصد أو غيرهما ، بدليل إجماع الطائفة.
[٣] سنن البيهقي : ٨
ـ ٥٢ كتاب الجنايات ، باب الخيار في القصاص ، وسنن الترمذي : ٤ ـ ٢١ وسنن الدار
قطني : ٣ ـ ٩٥ برقم ٥٤ و ٥٥ ومسند أحمد بن حنبل : ١ ـ ٣٥٨.
اسم الکتاب : غنية النزوع إلى علمي الأصول والفروع المؤلف : ابن زهرة الجزء : 1 صفحة : 402