اسم الکتاب : غنية النزوع إلى علمي الأصول والفروع المؤلف : ابن زهرة الجزء : 1 صفحة : 395
ولم يقل أحد من
أهل اللغة أن المكلب هو المضري والمعلم ، على أن حمل مكلبين على ما ذكروه يقتضي
التكرار ، لأنا قد استفدنا هذا المعنى من قوله تعالى : (وَما عَلَّمْتُمْ) وحملها على ما قلناه يفيد زيادة على ذلك ، وهو أن هذا
الحكم يختص بالكلاب دون غيرها.
والكلب يعتبر
في كونه معلما ، أن يرسله صاحبه فيسترسل ، ويزجره فينزجر ، ولا يأكل مما يمسكه ، ويتكرر
هذا منه ، حتى يقال في العادة : إنه معلم ، وما هذا حاله ، يحل أكل ما قتله ، بلا
خلاف إذا سمى صاحبه المسلم عند إرساله ، وفي ذلك خلاف. [١]
والتسمية شرط
عند إرسال الكلب والسهم وعند الذبح ، بدليل إجماع الطائفة ، وطريق الاحتياط وقوله
تعالى (وَلا تَأْكُلُوا
مِمّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ)[٢] ، وإنما أخرجنا من هذا الظاهر ما تركت التسمية عليه
سهوا أو نسيانا ، بدليل إجماع الطائفة ، ويحتج على المخالف بما رووه من قوله عليهالسلام : إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل [٣] ، فأباح ذلك بشرط الإرسال والتسمية ، وفي خبر آخر : فكل
وإلا فلا.
ولا يحل أكل
الصيد إذا أكل منه الكلب ، وكان أكله معتادا ، لأن ذلك يخرجه عن كونه معلما ، على
ما قلناه ، ولقوله تعالى (فَكُلُوا مِمّا
أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ)[٤] ، وما هذه حاله ممسك على نفسه دون صاحبه ، فإن كان أكله
نادرا لم يخرجه عن كونه معلما ، لأن العاقل إذا لم يخرجه السهو والغلط فيما كان
عالما به ، عن كونه عالما بذلك بالإطلاق ، فالبهيمة مع فقد العقل بذلك أولى.
[١] الخلاف في
التسمية واقع عند العامة. لاحظ الخلاف كتاب الصيد والذباحة المسألة ٦.