اسم الکتاب : غنية النزوع إلى علمي الأصول والفروع المؤلف : ابن زهرة الجزء : 1 صفحة : 235
وغيرهم ، لأن ما قلناه هو الأصل في كل حق عقلا وشرعا ، ولا يخرج من هذا
الأصل إلا ما أخرجه دليل قاطع ، كحق الرد بالعيب ، على أن حق الرد ربما كان في
تأخيره إبطاله ، لجواز تغير أمارات العيب وخفائها ، فحصلت الشبهة في وجوده ، فوجب
لذلك المسارعة إلى الرد ، وليس كذلك حق الشفعة ، لأن ما يجب به من عقد البيع قد
أمن ذلك فيه ، وما يتعلق به المخالف في ذلك أخبار آحاد لا يعول على مثلها في
الشرع.
وقولهم : إذا
لم تبطل الشفعة بتأخير الطلب دخل على المشتري ضرر ، لأنه إذا علم بذلك امتنع من
التصرف [١] في المبيع بما يحتاج إليه من غرس وبناء وتغيير ، لأن
الشفيع يأمره بإزالة ذلك إذا أخذ وهو من أخذه على وجل ، وذلك ممنوع منه عقلا وشرعا
، الجواب عنه أن يقال : يمكن أن يتحرز من هذا الضرر بما به يسقط الشفعة أصلا ، أو
بما لا ينشط معه الشفيع إلى الأخذ ، أو لا يقدر عليه من زيادة الثمن ، ووجوه
التحرز من ذلك كثيرة.
ثم يقال لهم
على سبيل المعارضة : في مقابلة ضرر المشتري بما ذكرتموه من ضرر الشفيع بالشركة ، وإزالة
ضرره ها هنا هو المقصود المراعى دون إزالة ضرر المشتري ، ولهذا يستحق بالشفعة من
علم بالبيع بعد السنين المتطاولة ، بلا خلاف وإن كان حاضرا في البلد ، وكذا حكم
المسافر إذا قدم ، والصغير إذا بلغ ، ولم يمنع ما ذكرتموه من ضرر المشتري من
استحقاقها.
واشترطنا عدم
عجزه عن الثمن ، لأنه إنما يملك الأخذ إذا دفع إلى المشتري ما بذله للبائع ، فإذا
تعذر عليه ذلك سقط حقه من الشفعة ، وسواء كان عجزه لكونه معسرا ، أو لكون ما وقع
عليه العقد أو بعضه غير معلوم القيمة ، وقد فقدت عينه ، بلا خلاف في ذلك.