اسم الکتاب : غنية النزوع إلى علمي الأصول والفروع المؤلف : ابن زهرة الجزء : 1 صفحة : 208
ها هنا ، ويعارض المخالف بما رووه من نهيه صلىاللهعليهوآلهوسلم عن بيع الإنسان ما ليس عنده[١] ، ومن قوله : لا بيع إلا فيما يملك [٢] ، ولم يفصل بين ما أجازه المالك وما لم يجزه.
وقد دخل فيما
قلناه جواز بيع أم الولد إذا مات ولدها ، أو كان حيا وثمنها دينا على سيدها ، ولا
يقدر على قضائه إلا ببيعها ، لأنها مملوكة للسيد بلا خلاف ، ولهذا جاز له وطؤها
وعتقها ومكاتبتها وأخذ ما كاتبها عليه عوضا عن رقبتها ، ولهذا وجب على قاتلها
قيمتها دون الدية ، فالأصل جواز بيعها لأنه في حكم الملك [٣] وإنما منعنا منه مع بقاء الولد وعدم الاستدانة لثمنها
والعجز عن وفائه من غيرها ، لدليل ، وهو الإجماع على ذلك ، وبقينا فيما عدا هذا
الموضع على حكم الأصل.
ويدل على ما
قلناه بعد إجماع الطائفة ظاهر قوله تعالى (وَأَحَلَّ اللهُ
الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا)[٤]. لأنه عام في أمهات الأولاد وغيرهن ، ولا يخرج من هذا
الظاهر إلا ما أخرجه دليل قاطع ، وما يتعلق به المخالف في المنع من بيعهن ، أخبار
آحاد لا يجوز العمل بها في الشريعة ، على ما بيناه فيما مضى ، ثم غاية ما يحصل بها
غالب الظن ، وما هذه حاله لا يجوز الرجوع به عما يوجب العلم ، على أنها معارضة بأخبار
مثلها واردة من طرقهم تقتضي جواز بيعهن ، وإذا تعارضت الأخبار سقط التعلق بها.
وقول من يقول
منهم : إذا كان ولد هذه الأمة حرا ، وكان كالجزء منها ، فحريته متعدية إليها ، ظاهر
البطلان ، لأن أول ما فيه أن يقال لهم : كيف ادعيتم
[١] سنن البيهقي : ٥ ـ
٢٦٧ و ٣١٧ و ٣٣٩ كتاب البيع ، ومسند أحمد : ٣ ـ ٤٠٢ و ٤٣٤.
[٢] سنن البيهقي : ٥ ـ
٣٤٠ ولاحظ جامع الأصول : ١ ـ ٣٨٠ ـ ٣٨٨ ، الباب الثاني في بيع ... ما لا يملك.