لاجماع الشيعة بل بطلانه ضروري من مذهب الامامية وهذه المسألة هي الفارقة بين الفرقتين العامة والخاصة بعد مسألة الامامة ولذا ترى احاديثنا متفقة على النهى عن العمل بالظنون وعلمائنا مجتمعين على دعوى الاجماع على اصالة عدم حجيتها وان ما قد يوجد في كتبهم من الاستدلالات الظنية التى هي غير الظنون المخصوصة فانما هي في مقام الرد على العامة كاستدلالهم بروايات اضراب عايشة وابى هريرة التى امتلات عن الاستدلال بها كتب اعيان الطائفة كالانتصار والمبسوط والمعتبر والمنتهى والتذكرة ولذا تريهم يرون ما استدلوا به في مقام اخر كما ان المحقق والعلامة تريهما يقولان الاستصحاب حجية الظن البقآء ويقولان خير مجهول الحال ليس بحجة لانه لا يفيد غير الظن وهو ليس بحجة الى غير ذلك ثم ان بعض الاجلة في هذه الايام قد سئلني في ضمن مراسلة فارسية ان اكشف له ما خفى عليه من فساد عمدة ما يستدلون به على هذه الاصالة من الادلة الثلثة التى عليها تعويلهم فبينته على وجه تقر به اعين الناظرين ويسر به قلوب الكاملين ولما كان ذلك طباقا لسؤاله بالفارسية التمس منى بعض من اعتنى بشانه ان افسرها بالعربية واجعلها عائدة من عوائد هذا الكتاب فقابلت التماسه بالقبول والاجابة فاقول سائلا من الله سبحانه التوفيق والرواية لا خلاف بين علماء الفرقة المحقة في ان الاصل الابتدائي عدم حجية الظن مطلقا ولا يجوز التمسك بظن ما لم يكن برهان قطعي ودليل علمي على حجيته انما الخلاف في انه هل يوجد مزيل لذلك الاصل ام لا وعلى فرض الوجود هل يخرج بعض الظنون أو مطلقه الا ما منع منه الدليل أي صارت حجيته اصلا ثانويا فذهب جمع من الاخباريين انه لم يخرج ظن من تحت ذلك الاصل مطلقا وليس ظن حجة اصلا ولا يجوز العمل الا بالادلة القطعية وهؤلاء يدعون قطعية الاخبار ولما راى جمع اخر من متأخري الاخباريين ظهور فساد هذه الدعوى قالوا ان المراد من قطعية الاخبار قطعية حجيتها وذلك عين القول بحجية الظن الخبرى بواسطة الدليل القطعي وذهب جمع من قدماء المجتهدين ايضا الى عدم حجية الظن وانحصار الحجة في العلم ومذهب اكثر المجتهدين بل جميع المتأخرين منهم وجود المخرج عن الاصل الابتدائي وعدم انحصار الحجة في العلم نعم الكلام الذى بينهم هو ان الخارج هل هو الظن في الجملة وبعبارة اخرى بعض الظنون وبثالثة ظنون مخصوصة أو مطلق الظن الا ما منع منه الدليل حتى يكون الاصل الثانوي حجية الظن فمعظم المجتهدين من الشيعة بل قاطبتهم بل اجماع الفرقة المحقة على انه لم يخرج مطلق الظن بل الخارج ظنون مخصوصة وقال بعض علماء عصرنا بخروج مطلق الظن واصالة حجيته وظني انه مما لم يقل به احد من علمائنا السابقين وسلفنا الصالحين واما ما قد يوجد في بعض عباراتهم مما يشم منه رائحة حجية الظن باطلاقه أو يستلزمها مع تصريحاتهم بخلافه فقد بينا السر فيه في كتبنا على وجه شاف كاف واما ما يوجد في بعض كلماتهم من اطلاق حجية ظن المجتهد فمع ان هذا الاطلاق انما هو في مقابل السلب الكلى والغرض منه الرد عليه لا للاثبات الكلى لا دلالة له على اصالة حجية الظن لانه كما انهم يصرحون به ينبئ تعليق شئ على وصف عن عليته فالمراد ان ظن المجتهد من حيث انه مجتهد أي ظنه المستند الى اجتهاده حجة ويعرفون الاجتهاد بانه استفراغ الوسع في تحصيل الظن من الادلة الشرعية والدليل الشرعي عبارة عما ثبت شرعا كونه دليلا فمعنى حجية ظن المجتهد