فقد مر سابقا [1] من أن مدلوله المطابقي هو وجوب الوفاء تكليفا
أو اللزوم وضعا دون الصحة، وإن أريد بالالتزام فله وجه، لأن دليل اللزوم
دليل الصحة بالالتزام لترتبه عليها.
ينبغي أن يعلم أولا أن إباحة التصرف في المال تارة تستند إلى اذن
المالك ورضاه فمثلها بقائها ببقائهما كحدوثها بحدوثهما، وأخرى تستند إلى
العقد على الاباحة ومثلها قابلة للزوم - بمعنى عدم انفكاك الاباحة عن
موضوعها - فليس للمبيح ردتلك الاضافة، كما أنه ليس له [4] رد الملكية،
وحينئذ فلا يختص اللزوم بطرف الملكية بل يعم طرف الاباحة.
وأما المعارضة في طرف الاباحة بعموم دليل السلطنة، لأن المفروض بقاء المال على ملكه.
فمندفعة: بأن غاية ما يقتضيه دليل السلطنة أن المالك له التصرف في
ماله، إلا أنه غير السلطنة على عقده ورد الاضافة، فإنه محتاج إلى سلطنة
جديدة متعلقة بالعقد قوليا كان أو فعليا كما مر الكلام فيه سابقا [5]، نعم
التصرف في نفس المال بما يوجب انتفاء موضوع تلك الاضافة لا مانع منه.
والعجب من بعض أجلة المحشين حيث قال في دفع دليل السلطنة بما نصه:
(مقتضى السلطنة على المال لزوم الاباحة المفروضة لزومها لا جوازها، لأنه
إذا كان مسلطا على ماله وقد أباحه بعوض فيلزم أن تكون نافذة) [6] انتهى
كلامه، فإن نفوذها لا يلازم لزومها كما في كل معاوضة نافذة، فالاستدلال
بالصحة على اللزوم غريب