responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : حاشية المكاسب المؤلف : الطباطبائي اليزدي، السيد محمد كاظم    الجزء : 1  صفحة : 186

الواجبات الكفائية فلو أمكن أن يكون فعل واحد واجبا على شخصين لزم جواز اشتغال ذمّتين بمال واحد إذ لا فرق بين الدّين الإلهيّ و الدّين الخلقي و دعوى أنّ المال لا يعقل إلّا في ذمة واحدة بخلاف الفعل كما ترى فإنّ الدين الخلقي أيضا قد يكون فعلا كما إذا استأجره لخياطة الثوب فإنّه مديون بالفعل نظير كونه مديونا بالصّلاة أو الخياطة إذا نذرها و إذا جاز أن يكون الخياطة في ذمة شخصين على سبيل البدل جاز أن يكون الدّرهم أو الدّينار كذلك و لا يخفى أنّ ما ذكرنا من أنّ في التكاليف الإلهيّة أيضا جهة وضع و أنّ الفعل إنّما يكون في ذمّة المكلّف كالمال و لذا أطلق عليه الدّين في قوله (صلى اللّه عليه و آله و سلم) إنّ دين اللّٰه أحقّ أن يقضى لا ينافي ما ذكرنا آنفا من صحّة الفرق بين الخطاب بالأداء شرعيّا و ذمّيا و ذلك لأنّ ما ذكرنا هناك إنّما كان عدم الملازمة بين التكليف بالأداء و اشتغال الذّمة بالنّسبة إلى من كلّف بالأداء إليه و الذي ذكرناه هاهنا أنّ التكليف مستتبع للوضع بالنّسبة إلى المكلّف الّذي هو اللّٰه ففي مسألة النّذر نقول إنّ إعطاء الدّرهم لزيد دين إلهيّ بمعنى أنّ ذمّته مشغولة بالفعل للّه لا أن يكون مشغولة لزيد بالدّرهم فالذي نفيناه هو الثاني و الذي أثبتناه هو الأوّل و الحاصل أنّه لا فرق بين الاشتغال بالفعل كما في التكليفيّات و بالمال عينا كان أو فعلا مثل الخياطة و النّساجة كما في الدّيون الخلقيّة في جواز التعلّق بالمتعدّد على سبيل البدل فيتصوّر في الماليّات نظير الواجب الكفائي و التخييري و غيرهما حسب ما هو واضح هذا و يمكن على بُعد أن يكون مراد المصنف (قدّس سرّه) من قوله لا يكاد يفهم الفرق إلخ ما ذكرنا في قولنا نعم يرد إلخ بأن يكون غرضه أنّه لا فرق بين الخطاب بالأداء و الخطاب الذمي في جواز التعلّق بالمتعدّد و عدمه فإذا اعترفت بأنّ الأوّل متعلّق بالجميع فاللازم اعترافك به بالنّسبة إلى الثاني أيضا و لا داعي إلى صرف الدّليل الظاهر فيه عن مقتضاه فتدبّر‌

قوله مع أنّ اللازم ممّا ذكره أن لا يرجع إلخ

أقول ظاهر كلام (ص) الجواهر الالتزام بذلك فإنّه لم يذكر رجوع كلّ سابق إلى كل لاحق بل قال إنّه يرجع إلى من تلف في يده و لا مانع من هذا الالتزام أيضا بل لم أجد من صرّح بجواز الرّجوع إلى كلّ لاحق فلا يمكن دعوى الإجماع عليه و لا دليل غيره و بالجملة ظاهر كلامه الالتزام به و لا دليل على بطلانه فتدبّر هذا و يمكن توجيه رجوع السّابقين إلى اللاحقين بوجه آخر أحسن من توجيهي المصنف و الجواهر (قدّس سرّه)ما و هو أن يقال إنّ الوجه فيه أنّه إذا أدّى العوض إلى المالك فقد ملك العين التالفة بالمعاوضة القهريّة فيقوم مقام المالك في جواز الرّجوع إلى الأيدي المتأخرة إلى أن يستقرّ الضمان على من تلف في يده و الفرق بين هذا و ما ذكره (ص) الجواهر في موضعين أحدهما أنّه يقول إنّ العوض ليس إلّا في ذمّة من تلف في يده و خطاب غيره بالأداء تكليفي لا ذمّي و هذا التوجيه ليس مبنيّا على ذلك بل يتمّ مع الالتزام بشغل ذمّة الجميع أيضا و الثّاني أنّه يقول بالمعاوضة القهريّة بين البدل المدفوع من أحد السّابقين و بين ما في ذمّة الأخير و هو من تلف في يده و على هذا التّوجيه المعاوضة القهرية إنّما هي بين البدل و العين التالفة بمعنى أنّها تعتبر ملكا لدافع البدل فيكون هو بمنزلة المالك لتلك العين فله مطالبة عوضها ممّن أثبت يده عليها أو أتلفها و توضيح هذا المطلب ببيان مقدّمات الأولى لا إشكال في أنّ المالك إذا صالح العين التالفة الّتي اعتبر وجودها في ذمّة ذوي الأيدي مع غيرهم أو مع أحدهم يقوم ذلك المصالح معه مقامه في جواز مطالبة من شاء منهم و كذا إذا حسب على أحدهم خمسا أو زكاة أو صدقة أو نحو ذلك فإنّه حينئذ يقوم مقام المالك في المطالبة الثانية أنّ مقتضى القاعدة دخول المعوّض في ملك من خرج عنه العوض الثّالثة أنّ في باب الغرامات العوض المدفوع يكون عوضا لنفس العين التالفة و لازمه اعتبار كون العين ملكا للدافع إذ لا فرق بين المعاوضة بعنوانها و بين إعطاء العوض فإنّ ما ذكرنا إنّما كان مقتضى العوضيّة فلو كان للعين التالفة اعتبار عقلائي يكون للدافع و لذا قلنا في بدل الحيلولة إنّ مقتضى أخذ البدل إذا كان بدلا عن نفس العين لا عن الحيلولة كما هو الظاهر دخول العين في ملك الضّامن غايته أنّ ملكه متزلزل و أيضا إذا غرقت العين في البحر فأعطى عوضها يكون العين للدافع فإذا ترتّب على وجودها تحت الماء أثر كان له و إذا كان كذلك ففي المقام إذا دفع أحد السّابقين بدل العين التالفة و صارت كأنّها مال تالف له يكون مثل المالك في جواز الرّجوع إلى من بعده و دعوى أنّه لا معنى لاعتبار العين التالفة بعد تلفها ملكا لأحد مدفوعة بما هو المسلّم بينهم في باب الخيار من جواز فسخ المعاملة بعد تلف العين فيرجع إلى المثل أو القيمة مع أنّ الفسخ إنّما تؤثر من حينه فليس إلّا اعتبار كون العين التالفة ملكا لمالكه الأوّل فيرجع إلى بدلها فلا مانع من هذا الاعتبار إذا ترتّب عليه أثر كما في الضمان أيضا نعم يبقى شي‌ء و هو أنّ لازم هذا التّوجيه جواز رجوعه إلى السّابقين أيضا لأنّ المفروض أنّه قام مقام المالك و يمكن أن يقال إنّ الوجه في عدم جواز رجوعه إليهم لأنّه السّبب في ضمانهم بمعنى استقرار العوض في ذمّتهم فمن هذه الجهة يحصل الفرق بينه و بين المالك هذا و التحقيق ما أشرنا إليه سابقا من أنّه لا فرق بين الإتلاف و التلف و إثبات اليد في صدق سببيّة الضمان و أنّ الوجه في جواز رجوع السّابق إلى اللاحق أنّه السّبب في ضمانه بمعنى استقرار العوض في ذمّته كيف و إلّا أمكنه أن يدفع نفس العين إلى المالك ليخرج من تبعة الضمان فكما اعترف القائل بأنّ الرّجوع على المتلف موافق للقاعدة من جهة تسبيبه للضمان فكذا نقول بالنّسبة إلى من أثبت اليد و إن لم يكن متلفا و لا فرق في ضمان السّبب بين كونه عالما أو جاهلا فحال اللاحقين بالنّسبة إلى السّابقين كحال الغارّ بالنّسبة إلى المغرور حيث قلنا إنّ الوجه في رجوعه على غارّه كونه سببا في استقرار العوض في ذمّته فإنّ اللاحق أيضا كذلك سبب لاستقرار العوض في ذمّة السّابقين من جهة حيلولته بينهم و بين العين التي كان لهم أن يردوه إلى المالك لئلا يستقرّ العوض في ذمّتهم و لا حاجة إلى الالتزام بالمعارضة القهريّة و لا غيرها هكذا ينبغي تحقيق الحال و المستعان باللّٰه المتعال بقي شي‌ء و هو أنّا قد أشرنا‌

إلى‌

اسم الکتاب : حاشية المكاسب المؤلف : الطباطبائي اليزدي، السيد محمد كاظم    الجزء : 1  صفحة : 186
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست