اسم الکتاب : تقريرات في أصول الفقه المؤلف : البروجردي، السيد حسين الجزء : 1 صفحة : 219
و الرواية الأخيرة صريحة في أنّ الطاعة و المعصية كان لكل من الطائفتين أمران اختياريان، لأنّ أصحاب الشمال لا يمكن أن يصيروا مطيعين و إلّا لما أمرهم بدخول النار، و لما قالوا: «ربّنا أقلنا».
و الروايات بهذا المضمون أو قريب منها مستفيضة، بل متواترة بوجه تفيد القطع على خلاف ما توهّم.
و أما حكم العقل فإنه يقبح عقلا- من العاقل فضلا عن الحكيم العادل- أن يأمر من جعل طينته من شيء لا يقتضي إلّا العصيان بالإطاعة و يبعث إليه الرسل و الكتب و يؤاخذه على مخالفته، مع أنّ المفروض أنّ المخالفة مقتضى طينته و جبلّته، و هو واضح لمن له أدنى تدبّر، فتأمل جيدا.
فانقدح أنه لا وجه لتوهّم كون المعصية ناشئة من سوء سريرة العبد التي لا تعلّل باعتبار أنها ذاتية، و الذاتيات لا تعلّل هذا.
[بيان التفصيل الذي نسب الى صاحب الفصول في مسألة التجرّي]
و قد نسب الى صاحب الفصول (رحمه اللّه) التفصيل بين التجرّي على الحرام الواقعي و بين غير الواقعي، ففي الثاني تترتب عليه أحكام التزاحم، فيحكم بمقتضى ما هو غالب في الواقع، فربما يصير التجري حسنا باعتبار أنه تجرّي على الواجب الأهمّ مصلحته من مفسدة التجرّي.
و فيه: أنّ التزاحم هنا لا وجه له.
توضيحه: يتوقف على بيان امور:
(الأول) أنّ الحسن و القبح مترتّبان على المصالح و المفاسد النفس الامرية، فتارة يكون الشيء باعتبار كونه ذا مصلحة فقط حسنا، و اخرى باعتبار كونه ذا مفسدة فقط قبيحا، و ثالثة يكون مجمع العنوانين، فإما أن تكون المصلحة غالبة أو المفسدة كذلك و كيفما كان، فلا تزول المصلحة عند غلبة المفسدة و لا تزول المفسدة عند غلبة المصلحة، نعم لا أثر لأحدهما عند غلبة الآخر.
[هل الحسن و القبح ذاتيان أم بالوجوه و الاعتبار؟]
(الثاني) قد اشتهر في ألسنة الاصوليين أنّ الحسن و القبح هل هما ذاتيان أم بالوجوه و الاعتبار؟
اسم الکتاب : تقريرات في أصول الفقه المؤلف : البروجردي، السيد حسين الجزء : 1 صفحة : 219