اسم الکتاب : القواعد والفوائد - ط مکتبة المفید المؤلف : الشهيد الأول الجزء : 2 صفحة : 64
وخطاب الوضع [١] ، أعني الخطاب بنصب الأسباب ، ولا يشترط فيه العلم ،
ولا القدرة ، ولا عدمهما ، ولا التكليف ، لأن معناه قول الشارع : اعلموا أنه متى
وجد كذا فقد وجب كذا ، أو حرم كذا ، أو أبيح كذا ، أو ندب كذا [٢]. ومن ثمَّ حكم بضمان الصبي والمجنون ما أتلفاه ، مع عدم
تكليفهما. وقد يكون خطاب الوضع بالمانع أيضا ، كما يقول : عدم كذا ، عند وجود
المانع ، أو عند عدم الشرط.
إذا تقرر ذلك :
فالطهارة من باب خطاب الوضع ، إذ هي شرط في صحة الصلاة ، وكذلك الاستقبال ،
والستر. وذلك لا يشترط فيه شروط التكليف ، من إيقاعه على الوجه المخصوص ، فان دخل
الوقت على المكلف وهو موصوف بهذه الأوصاف ، تمَّ الغرض ، وصحت الصلاة ، وإن لم
يتصف بها أو ببعضها ، توجه إليه [٣] حينئذ خطاب
التكليف وخطاب الوضع ، وصارت حينئذ واجبة. ولا استبعاد في وجوب الطهارة في حالة
دون حالة ، لأن شأن الشرع تخصيص الوجوب ببعض الحالات دون البعض ، وببعض الأزمنة
دون البعض [٤].
فان قلت : أليس
ينوي في الطهارة قبل دخول الوقت الاستحباب ، وذلك خطاب التكليف فكيف جعلتها من
خطاب الوضع؟! قلت : ذلك وإن احتيج إليه في الطهارة فهو غير محتاج إليه في
الاستقبال والستر ، ولهذا لو اتفق كونه قائما إلى القبلة ، وقد ليس
[١] لم يرد منه سابقا هذا التقسيم ، وإنما
ورد فيما مضى ما يدل عليه. راجع : ١ ـ ٣٩ ، ٧٠.