إياه بذلك في سنة ثلاث وخمسين ، فبنيت المنار ، وكتب عليها اسمه ، ثمّ هدم عبد العزيز [١] بن مروان المسجد في سنة سبع وسبعين وبناه. ثمّ كتب الوليد بن عبد الملك في خلافته إلى قرّة [٢] بن شريك العبسيّ ، وهو يومئذ واليه على أهل مصر فهدمه كلّه ، وبناه هذا البناء وزوّقه ، وذهّب رؤوس العمد الّتي هي في مجالس قيس ، وليس في المسجد عمود مذهّب الرأس إلّا في مجالس قيس. وحوّل قرّة المنبر حين هدم المسجد إلى قيساريّة العسل ، فكان الناس يصلّون فيها الصلوات ، ويجمعون فيها الجمع ، حتّى فرغ من بنيانه ، ثمّ زاد موسى بن عيسى الهاشميّ [٣] بعد ذلك في مؤخّره في سنة خمس وسبعين ومائة. ثم زاد عبد الله بن طاهر [٤] في عرضه بكتابه المأمون بالإذن له في ذلك سنة ثلاث عشرة ومائتين ، وأدخل فيه دار الرمل ودورا أخرى من الخطط.
هذا ما ذكره ابن عبد الحكم.
وقال ابن فضل الله في المسالك : مسجد عمرو بن العاص مسجد عظيم بمدينة الفسطاط ، بناه عمرو موضع فسطاطه وما جاوره ، وموضع فسطاطه حيث المحراب والمنبر ، وهو مسجد فسيح الأرجاء ، مفروش بالرّخام الأبيض ، وعمده كلّها رخام ، ووقف عليه ثمانون من الصحابة ، وصلّوا فيه ، ولا يخلو من سكنى الصلحاء.
ذكر الدار التي بنيت لعمر بن الخطاب رضياللهعنه
فأمر بجعلها سوقا
أخرج ابن عبد الحكم ، عن أبي صالح الغفاريّ ، قال : كتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب رضياللهعنهما : إنّا قد اختططنا لك دارا عند المسجد الجامع. فكتب إليه عمر : أنّى لرجل بالحجاز يكون له دار بمصر؟ وأمره أن يجعلها سوقا للمسلمين.
[١] عبد العزيز بن مروان بن الحكم ، كان واليا لأخيه عبد الملك على مصر وتوفي سنة ٨٥ ه.
[الكامل في الأثير : ٣ / ٣٤٨ ، ٤ / ١٠١].
[٢] في الكامل لابن الأثير ٤ / ١١٦ : في سنة ٩٠ ه استعمل الوليد بن عبد الملك مرّة بن شريك على مصر ، وعزل أخاه عبد الملك بن عبد الملك عنها.