وقال القضاعي : لمّا رجع عمرو من الإسكندريّة ، ونزل موضع فسطاطه ، انضمّت القبائل بعضها إلى بعض ، وتنافسوا في المواضع ، فولّى عمرو على الخطط معاوية بن حديج التّجيبيّ وشريك بن سميّ القطيفيّ ؛ من مراد ، وعمرو بن مخزوم الخولانيّ ، وحيويل بن ناشرة المعافريّ ؛ فكانوا هم الذين أنزلوا النّاس ، وفصلوا بين القبائل ، وذلك في سنة إحدى وعشرين. ذكره الكنديّ.
قال ابن عبد الحكم : وقد كان المسلمون حين اختطّوا تركوا بينهم وبين البحر والحصن قضاء لتفريق دوابّهم وتأديبها ، فلم يزل الأمر على ذلك حتى ولي معاوية بن أبي سفيان ، فأقطع في الفضاء ؛ وبنيت به الدور قال : وأمّا الإسكندرية فلم يكن بها خطط ، وإنّما كانت أخائذ ، من أخذ منزلا نزل فيه هو وبنو أبيه.
ثمّ أخرج عن يزيد بن أبي حبيب أنّ الزبير بن العوّام اختطّ بالإسكندرية.
ذكر بناء المسجد الجامع
قال ابن عبد الحكم : حدّثنا عبد الملك بن مسلمة ، عن اللّيث بن سعد ، قال : بنى عمرو بن العاص المسجد ؛ وكان ما حوله حدائق وأعنابا ، فنصبوا الحبال حتّى استقام لهم ، ووضعوا أيديهم ، فلم يزل عمرو قائما حتّى وضعوا القبلة ؛ وإنّ عمرا وأصحاب رسول الله 6 وضعوها واتّخذوا فيه منبرا.
وحدّثنا عبد الملك عن ابن لهيعة ، عن أبي تميم الجيشانيّ ، قال : كتب إليه عمر ابن الخطاب رضياللهعنه : أمّا بعد ؛ فإنه بلغني أنّك اتخذت منبرا ترقى به على رقاب المسلمين ، أو ما حسبك أن تقوم قائما والمسلمون تحت عقبيك؟! فعزمت عليك لمّا كسرته.
وحدّثنا عبد الملك ، أنبأنا ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الخير ، أنّ أبا مسلم اليافعيّ صاحب رسول الله 6 كان يؤذّن لعمرو بن العاص ، فرأيته يبخّر المسجد.
وقال يزيد بن أبي حبيب : وقف على إقامة قبلة الجامع ثمانون من أصحاب النبيّ 6.
قال ابن عبد الحكم : ثمّ إنّ مسلمة بن مخلّد [١] الأنصاريّ زاد في المسجد الجامع بعد بنيان عمرو له ، ومسلمة الّذي كان أخذ أهل مصر ببنيان المنار للمساجد ، كان أخذه
[١] توفي مسلمة بن مخلد الأنصاري سنة ٦٢ ه. [الكامل لابن الأثير : ٣ / ٣١٠].