responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تنزيه الأبصار والأفكار في رحلة سلطان زنجار المؤلف : زاهر بن سعيد    الجزء : 1  صفحة : 276

وزعم صاحب القاموس [١] من باب الخطأ ، وقال : " الهرمان بناءان أزليان بمصر بناهما إدريس (نوح) 7 لحفظ العلوم فيهما عن الطوفان ، أو بناء سنان بن المشلشل ، أو بناء الأوائل لما علموا بالطوفان من جهة النجوم. وفيها كل طب وسحر وطلسم [٢] ". ولعمري هذا غلط من جملة أغلاط صاحب القاموس. وهذان الهرمان متقاربان جدا ومبنيان بالحجارة البيض. وأما الثالث فينقص عنهما بنحو الربع ، لكنه مبني بحجارة الصّوان الأحمر المنقّط الشديد الصلابة ، ولا يؤثر فيه الحديد إلا في الزمن الطويل ، وهو صغير بالقياس إلى ذينك.

وقد سلك المصريون في بناية الأهرام طريقا عجيبا من الشكل والإتقان ، ولذلك صبرت على ممرّ الزمان ، بل على ممرّها صبر الزمان. فإن الأذهان الشريفة قد استهلكت فيها ، والعقول الصافية قد أفرغت عليها مجهودها ، والأنفس النّيرة قد أفاضت عليها أشرف ما عندها ، والملكات الهندسية قد أخرجتها إلى الفعل حتى أنها كادت تحدّث عن قومها ، وتخبر بحالهم ، وتنطق عن علومهم وأذهانهم ، وتترجم عن سيرتهم وأخبارهم ، وذلك أن وضعها على شكل مخروط يبتدئ من قاعدة مربّعة وينتهي إلى نقطة ، ومن خواص الشكل المخروط أن مركز ثقله في وسطه ، وهو يتساند على نفسه ، ويتواقع على ذاته ، ويتحامل بعضه على بعض ، فليس له جهة أخرى خارجة عنه يتساقط عليها.

ومن عجيب وضعه أنه شكل مربّع قد قوبل بزواياه مهابّ الرّياح الأربع ، فإنّ الريح تنكسر سورتها عند مصادمتها الزاوية ، وليست كذلك عند ما تلقى السطح.

وهذه الأهرام ترى على بعد ٢٠ ميلا. وعلوّ الأكبر منها نحو ٥٠٠ قدم ، وفيه مدخل يلجه الناس يفضي بهم إلى مسالك ضيّقة ، وسراديب [٣] متنافذة ، وآبار ، ومهالك ، وغير ذلك.


[١] هو محمد بن يعقوب الفيروزي آبادي (٧٢٩ / ١٣٢٩ ـ ٨١٧ / ١٤١٤) لغوي مشارك في عدة علوم له : القاموس المحيط. كحالة : معجم ١٢ / ١١٨

[٢] تنظر مادة : هرم ، القاموس ٤ / ١٩١ البابي الحلبي ـ مصر ط ٢ / ١٩٥٢

[٣] أ : أسراب

اسم الکتاب : تنزيه الأبصار والأفكار في رحلة سلطان زنجار المؤلف : زاهر بن سعيد    الجزء : 1  صفحة : 276
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست