في صفة الحرب وتدبيرها والمكيدة فيها
الحرب ثفالها الصبر ، وقطبها المكر ، ومدارها الاجتهاد ، وثقافها الأناة ، وزمامها الحذر. ولكلّ شيء من هذه ثمرة ، فثمرة الصبر التأييد ، وثمرة المكر الظّفر ، وثمرة الاجتهاد التوفيق ، وثمرة الأناة اليمن ، وثمرة الحذر السلامة ، ولكل مقام مقال ، ولكلّ زمان رجال ، والحرب سجال ، والرأي فيها أبلغ من القتال [١].
وقالوا : جسم الحرب الشجاعة ، وقلبها التدبير ، وعينها الحذر ، وجناحها الطاعة ، ولسانها المكيدة وقائدها الرفق وسائقها النصر ، قيل لعنترة الفوارس : صف لنا الحرب فقال : أوّلها شكوى ووسطها نجوى ، وآخرها بلوى [٢].
وقال غيره :
وإذا لم يكن من الموت بدّ
فمن العجز أن تكون جبانا [٣]
وقال عمرو [٤] بن أبي أمامة يوم قتلته مراد بواد يقال له
[١] النص في العقد ١ : ٩٣.
[٢] كلام عنترة في العقد ١ : ٩٤.
[٣] البيت لأبي الطيب المتنبي من قصيدة أولها :
صحب الناس قبلنا ذا الزمان
وعناهم من شأنه ما عنانا
انظر العرف الطيب بشرح ديوان أبي الطيب ٢ : ٣٤٦.
[٤] هو عمرو بن المنذر بن امرئ القيس وسيرد خبره في التعليق التالي.