عمران حتى خطب إلى القائد فتح بن مفتاح ابنته ، بعد خلافه وعصيانه عليها بالتعكر. فلما كانت ليلة الدخول بها ، دبر سليمان وعمران على فتح حتى غدرا به ، وملك عليه التعكر ، فأجاره عمران ، واشترط عليهما فتح أشياء ، وفيا له بها ، منها [١] : أنهما وهبا له حصنا يقال له شار ، فنقل إليه من الذخائر ما يعز عليه. فلما حصل التعكر بيد عمران واصل الحرة الملكة ببذل الطاعة والخدمة ، فلم تلتفت إليه. وامتدت أيدي خولان على الرعايا وغيرهم ، وعاثوا وأفسدوا ، وكانت الليلة التي ملكوا فيها حصن التعكر ، ليلة الأحد ، الثاني عشر من ربيع الأول سنة خمس وخمس مئة.
ولم تزل هذه حالة خولان مع الحرة ، إذا رأتهم قد طغوا ، أرسلت إلى عمرو بن عرفطة الجنبي ، سطرا أو سطرين بخطها ، فيقبض على بلاد ابني الزر (بجيشه) [٢] من العساكر ، الفارس والراجل ، فلا يخلصهما منه إلا الضراعة إليها والسؤال لها في صرف العرب عنهما.
ولقد حكى لي السلطان يزيد بن عيسى الوائلي ، قال : أذكر وقد أرسلني عمران بن الزر إلى الحرة الملكة ، وهو مصاف للعرب ، يستنجد بالحرة ، فبعثت إليه بعشرة آلاف دينار معونة ، فرد [٣] بها إليها وقال [٤] : هي تعرف ما ينفعني. قال يزيد بن عيسى : فكتبت لي بخطها إلى عمرو بن عرفطة الجنبي برقعة فيها : إذا وقفت على أمرنا هذا ، فارتحل عن بلاد ابني [٥] الزر مشكورا.
فلما وقف عمرو بن عرفطة عليها ، نادى في الناس بشعار الرحيل. وهو قوله : يا راشد بن مروح [٤٩]. فلم يمض ساعة وبقي منهم [٦]