responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تأريخ مكّة دراسات في السياسة والعلم والاجتماع والعمران المؤلف : أحمد السباعي    الجزء : 1  صفحة : 625

ويميل البعض إلى إمعان عون في الدهاء سول له العمل على نكاية العظماء باتخاذ هذا المجنون جليسا له يقدمه عليهم ويأمرهم بتعظيمه وتقبيل يده. ويميل فريق آخر إلى التدليل لقصة (علي بو) على غرابة أطوار الشريف عون.

وإنني أميل إلى الرأي الأخير وأعتقد ان ذلك في أوساط العظماء وقواد الأمم لا يخلو منه زمان شأنهم في ذلك شأن عامة الخلق لا فرق بينهم فيه إلا فيما كان من نوع الأثر الذي يتركونه في بيئتهم وما يحيط بهم فالتجاوز عن المألوف عند العظماء يستعير فخامته من مراكزهم الممتازة ويترك أثره قويا فيمن يحيط بهم وقد يجد من يشايعه ويتأول له ويضفي عليه من نعو تالنوابغ والعباقرة وجبابرة العقول ما يحير الوصف كما يجد في الوقت نفسه من يمعن في نقده ومقته وينسج حوله الآف القصص المثيرة للضحك والاشفاق زراية بأصحابه وانتقاما منهم وقد ورثنا التاريخ في العالم الآف القصص مما كان ينسج حول اصحاب الأطوار الغريبة من قادة الأمم بعضها يصورهم في صدق كما يبالغ بعضهم في تشويههم وكلها تجمع على أن الطبقات الممتازة في الحياة منيت بأصحاب التصرف الغريب كغيرها من مختلف الطبقات.

وإذا كان أثر التجاوز في الطبقات الممتازة يستعير فخامته من مراكزهم فإنه في الطبقات المتوسطة وما تحتها يمضي ـ كما نشاهد ـ ضئيلا دون أن يخلف بعده ما يدل عليه.

ويغرب بعض مشايعي الشريف عون ممن حدثتهم في شأنه فيقول ان عقلية عون الجبارة هدته إلى أفضل طريقة تمكنه أن يتقي بها كيد عبد الحميد الذي كان يشك في جميع المستنيرين من عماله وموظفيه ان يصطنع هذه الأعمال ويجالس المجانين ليو همه أنه أحد السذج الذين لا يعتد بهم ـ كما يغرب بعض من لاقيته فيقول أن عونا كان ساذجا بالفعل وان تصرفاته في إدارة الحكم كانت تدل على سذاجة مطلقة.

اسم الکتاب : تأريخ مكّة دراسات في السياسة والعلم والاجتماع والعمران المؤلف : أحمد السباعي    الجزء : 1  صفحة : 625
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست