responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تأريخ مكّة دراسات في السياسة والعلم والاجتماع والعمران المؤلف : أحمد السباعي    الجزء : 1  صفحة : 30

في قصيدة أوردها كثير من المؤرخين ولا أجدني جريئا كل الجرأة في الأخذ بصحة نسبتها الى مضاض إلا إذا صح لدي ما يثبت أن لغة الجرهميين كانت في مثل هذه الألفاظ السلسة ، ومثل هذه المعاني الواضحة [١].وظلت خزاعة على أمرها في مكة يحكمها كبيرها عمرو بن لحي الذي بلغ بمكة من الشرف ما لم يبلغه عربي قبله حتى قالوا ان الرجل منهم كان إذا ملك ألف ناقة فقأ عين فحلها وقد ففأ عمرو بن لحي عين عشرين فحلا [٢] :

وكان عمرو أول من أطعم الحاج بمكة سدايف الابل ولحمانها على الثريد وعم في تلك السنة جميع حاج العرب بثلاثة أثواب من برد اليمن ، وكان قوله فيهم دينا متبعا لا يخالف وهو الذي وصل الوصيلة وحمى الحام وسيب السائبة ونصب الأصنام حول الكعبة وجاء بهبل من الجزيرة فنصبه في بطن الكعبة ، فكانت العرب تقتسم بالأزلام وهو أول من غير دين ابراهيم 7 فقد كان كثير الأسفار وربما تأثر بالفينقيين أو الأشوريين أو المصريين وهم جيران الجزيرة العربية فنقل وثنيتهم الى مكة وقد يقال أن العرب


[١] لا نشك في أن لغة قحطان كانت الأم بعد العرب البائدة وان جرهم انتقلت من اليمن بلغتها القحطانية ولكن المعروف أن اللغتين تباعدتا على أثر انفصال جرهم وقد مرت بجرهم احقاب طويلة لا نشك في أنها كانت من أهم العوامل في تطوير الألفاظ والمصطلحات ، يضاف الى هذا أن مكة بحكم موقعها الديني كانت في حاجة الى أن تتفاهم مع شتى القبائل بلهجات مختلفة مما ساعد على تطوير لغتها وتهذيب حواشيها واتساع معانيها حتى إذا ورثتها قريش ورثتها فصيحة البيان صالحة للتفاهم مع اكثر قبائل العرب بينما ظلت لغة قحطان في الجنوب تكاد أن تنحصر في الناطقين بها محليا واتسعت ثقافة قريش على أثر ذلك وتهذب ذوقهم الأدبي فماتت اكثر الكلمات التي ورثوها من القحطانية وحلت محلها تعابير اقتضاها احتكاك البيئة في مكة وجاء القرآن بهذه اللغة فأضاف اليها حلاوة جديدة وبهجة سلسة باعدت بهما عن لغة جرهم التي ورثوها عن قحطان.

[٢] لعل من الغريب ان يملك شخص ٢٠ ألف ناقة مع ان المعروف في أوائل الجيل الحاضران احصاء الابل في هذه البلاد بلغ رقما قياسيا ومع ذلك فلم يجتمع مثل هذا العدد إلا لعدة قبائل.

اسم الکتاب : تأريخ مكّة دراسات في السياسة والعلم والاجتماع والعمران المؤلف : أحمد السباعي    الجزء : 1  صفحة : 30
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست