responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الواسطة في معرفة أحوال مالطة ، كشف المخبّا عن فنون أوروبّة المؤلف : أحمد فارس الشدياق    الجزء : 1  صفحة : 51

الحمّام ولكنّه ليس في صفة الحمّامات التي في بلاد المسلمين ؛ إذ هو عبارة عن مغطس فقط من دون تكييس ولا تكبيس ولا عرق ، على أنه غال جدّا ونحوه حمّامات سائر بلاد الإفرنج من حيث الكيفيّة لا من حيث الغلاء. والمتنكلزون من المالطيين يقلّدون مواليهم في اتخاذهم مغاطس من قصدير أو خشب في ديارهم ، ويدّعون أن ذلك أسلم للجسم وأنظف ، ولعمري ليس السبب في عدم الحمّامات هنا إلا رداءة الهواء ، فإن من كان في محل دفيء وخرج منه مقابلا للريح لا يأمن أن يمنى بداء.

وكنت قد ذكرت يوما لبعض الأطبّاء عاداتنا على الحمام وتنغّصت لفقده ، فقال لي : لو أن عندنا حمّامات لما كان من يستحم فيها. وقوله هذا يحتمل معنيين فإما أن يكون قد أراد أن المالطيين لا يستعملون ذلك أو أن الحمّام يميت الناس حتى لا يعود أحد يدخله ، وهذا دأب هولاء في الاعتذار عمّا لا يوجد في بلادهم فإنهم يقولون إنه غير نافع أو غير موافق كجواب آخر ، وقد سألته عن وجود رفائين للجوخ [٤١] والشال الكشميري ، فقال : نحن الإفرنج لا نعنى بمثل هذه الصنائع مع أنّهم أعظم الناس اقتصادا وتوفيرا وأكبرهم هنا يرقع سراويله من دبر ويمشي كذلك من دون رداء يستر رقعته.

وليس في هذه المدينة كلّها مصطبة يقعد عليها ، فلا يمكن للإنسان الجلوس إلا في بيته أو في محل قهوة ، نعم إنه يوجد مصطبة عند قصر الحاكم ولكن لا يقعد عليها إلا الأوباش ، فإن القعود عند الإنكليز على هذه الصفة عيب ، وتابعهم المالطيون على هذا. ويقال : إنّه كان في المدينة سابقا عدّة مصاطب فأزالها الإنكليز إلحاقا لها بلندرة.

فأمّا محال القهوة في فالتة فإنها عبارة عن مخازن مظلمة ليس فيها شبّاك يطل على البحر أو على حديقة ، وإذا أطلت الجلوس جاءك الساقي ومسح المائدة قدّامك إشارة إلى أنه ينتظر غيرك ، أو كأنه يقول بلسان الحال لقد أبرمت بي فمتى تفارق.

ولا يمكن لأحد أن يقعد ناحية البحر ساعة واحدة لأنها جميعها قذرة ، ولا يمكن


[٤١] الرفّاء : من يصلح خروق الثياب ، ويلأم ما بلي منها. (م).

اسم الکتاب : الواسطة في معرفة أحوال مالطة ، كشف المخبّا عن فنون أوروبّة المؤلف : أحمد فارس الشدياق    الجزء : 1  صفحة : 51
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست