وصحبت معي من الكتب النافعة في الأسفار بعض أجزاء وأسفار ، وخرجت من المدينة وقت الإسفار ، وصحبني جماعة من الأصحاب للوداع ، وأسرعنا في السير قبل أن يتكاثروا غاية الإسراع ، هذا والدموع لا ينحبس [٢] وبلها إلّا وأخلفه طلّها ، وكلما أفرغ ذنوبها امتلأ سجلها ، والجوانح [٣] لا يهمد وقد ضرامها ، إلّا وأخلفه [٤] حرّ أوامها ، ولا يخمد تأجج نيرانها إلّا وأردفه توهج دخانها ، والشوق بالأحشاء عابث وبجوانب الضلوع [٥] عابث ، والقلب من الضطراب أهوائه خافق ، وغراب البين ببعد الأحبة ناعق ، وسرنا سير مشمعل [٦] نطوي البيد كطي السجل ، [٦ ب] فوصلنا بعد تعالي الصباح وارتفاع الشمس قيد ثلاثة [٧] رماح إلى المنزل المقرر ، وهو قرية ابن فرفور دمّر ، وهي قرية كبيرة كثيرة الخيرات وافرة الغلات طيبة النبات ، فنزلنا بها بمرج لطيف ، بديع التدبيج والتفويف ، ذي عرف أعطر ، وربيع أزهر ، من عشب أخضر ، وأقحوان أصفر ، وشقيق أحمر ، وغير ذلك مما هو عجيب التلوين غريب التكوين ، وقد حفّ به من غالب جوانبه نهر بردى وهو أكبر أنهار الشّام وأكثرها مددا [٨] بل هو أصل