ثم كررنا الوداع خارج المدينة ، وعضدي بيده الكريمة ، إلى أن أصعدني السفينة ، ثم شمّر ذيله ومضى ، وأودع قلبي جمر الغضا ، (ثم تورّكنا على المطية الدهماء ، ونبطنا الولية الماشية على الماء) [٢] ، ثم رفع [٣] شراع السفينة ومرساها ، وقلنا لأصحابنا (ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها)[٤] ، ثم سارت بنا من تلك المرسى وسرت فيها وأنا [١٥٥ أ] أكفكف أمطار الدموع ، وأخلب المدينة لأجل من فيها بالطرف الوامق والقلب الولوع ، ولم أزل أتبعه ويتبعني بالصبر ، الى أن غاب كل منّا عن النظر : [من مجزوء الرّمل]
وقد علاني وعراني بعد حبي خبل
وكل من خاطبني قلت له قد رحلوا
يقول من أبصرني وسوس هذا الرجل
(وتلك السفينة تهفوا بقوادم غربان ، وتعطف بسوالف غزلان ، وتنساب في